أحدثت رؤية المملكة 2030 تحولات جذرية في المدينة المنورة حيث عززت مكانتها كوجهة دينية وثقافية عالمية ورفعت جودة الحياة لسكانها وزوارها، مع التركيز على تنويع الاقتصاد وتعزيز الاستدامة وتطوير البنية التحتية مع الحفاظ على الطابع الروحي والتاريخي للمدينة.
وساهمت الرؤية في تعزيز السياحة الدينية والثقافية وجعلت المدينة مركزاً سياحياً عالمياً، مع توسيع القدرة الاستيعابية وتطوير البنية التحتية لاستيعاب ما يقارب 30 مليون زائر سنوياً بحلول 2030، عبر توسعة الفنادق والشقق الفندقية، كما ارتفعت نسب إشغال الفنادق إلى أكثر من 80% في مواسم الذروة، ما عزز الاقتصاد المحلي.
وفي اليوم الوطني أطلق الأمير سلمان بن سلطان الهوية السياحية للمدينة المنورة، التي تبرز التراث النبوي والعمارة التقليدية، حيث أكد أمين منطقة المدينة المنورة الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير المنطقة المهندس فهد بن محمد البليهشي أن الإطلاق يأتي تنفيذًا لتوجيهات سمو أمير المنطقة الرامية إلى تنمية القطاع السياحي وتعزيز مكانة المدينة المنورة وجهةً عالمية وانسجامًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وعن تطوير المواقع التاريخية شملت مشاريع تحسين مواقع مثل مسجد القبلتين الذي أصبح مفتوحاً على مدار الساعة، وجبل أحد وبئر رومة، مع إنشاء جولات سياحية تعليمية ومتاحف تفاعلية مثل متحف السيرة النبوية، وارتفعت مدة بقاء الزوار من 5 أيام في 2019 إلى ما يقارب 8-10 أيام في 2025 نتيجة تنويع البرامج السياحية والفعاليات الثقافية.
فيما أسهمت رؤية 2030 في تحديث البنية التحتية للمدينة المنورة، مما جعلها مدينة ذكية ومرنة من خلال توسيع شبكة الحافلات الذكية وتحسين الربط بين المسجد النبوي والمواقع السياحية، إضافة إلى تطوير مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي لاستقبال أعداد أكبر من الزوار، كما حسنت أمانة المنطقة المرافق العامة مثل الحدائق والطرق والأحياء، مما عزز جودة الحياة للسكان، كما أُدخلت تطبيقات إلكترونية لتسهيل الخدمات البلدية مثل حجز المرافق والتعرف على المواقع السياحية، مع تقليل الوقت المستغرق في الإجراءات الإدارية.
وركزت رؤية 2030 على جعل المدينة المنورة نموذجاً للاستدامة والمرونة الحضرية، كما حافظت المدينة على لقبها كأحد أكبر المدن الصحية في الشرق الأوسط للمرة الثانية، بفضل تحسين الخدمات الصحية والبيئية.
وأصدرت هيئة تطوير المنطقة تقارير مثل “أطلس حالة التنمية المستدامة بأحياء المدينة المنورة” و”مرونة المدينة نحو مستقبل صامد ضد المخاطر”، ما ساعد في تحليل البيانات لدعم صناعة القرار، وهذه الجهود ساهمت في تقدم المدينة 7 مراتب في مؤشر IMD للمدن الذكية لعام 2025 والمرتبة 67 عالمياً.
وساهمت رؤية 2030 في تنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد الكامل على السياحة الدينية، حيث أوجدت المشاريع السياحية والخدمية آلاف الوظائف، خصوصاً في قطاعي الضيافة والسياحة، مع التركيز على توظيف الكفاءات الشابة، كما أُطلق برنامج “وظيفتي بقيمي” في مدارس المدينة المنورة لتشجيع الشباب على الابتكار وريادة الأعمال وتوفير التدريب وفق احتياجات سوق العمل.
وركزت الرؤية على تحسين تجربة الحجاج والمعتمرين من خلال تحسين الساحات المحيطة بالمسجد النبوي وإدخال أنظمة ذكية لإدارة الحشود، إضافة إلى إطلاق تطبيقات إلكترونية لتوجيه الزوار وحجز الخدمات وتقديم دعم متعدد اللغات لتلبية احتياجات الزوار من مختلف أرجاء العالم، مع تعزيز المرافق الصحية القريبة من المسجد النبوي لتوفير الرعاية الطبية السريعة.
وتواصل رؤية 2030 دفع المدينة نحو مستقبل مستدام بخطط لزيادة الاستثمارات وتطوير مزيد من المواقع السياحية وتعزيز الابتكار في خدمة ضيوف الرحمن.
تغيّرت وجهة المدينة المنورة فصارت مدينة ذكية ومستدامة تجمع بين الروحانية والحداثة، من خلال تطوير البنية التحتية وتعزيز السياحة ودعم الشباب والاقتصاد، فكانت نموذجاً عالمياً للتنمية الحضرية مع الحفاظ على إرثها النبوي، وتبقى المدينة المنورة بتوجيه حكيم وجهود هيئة التطوير منارة للإيمان والازدهار.
