تتصدر شهرة فيتامين سي الحديث عن نزلات البرد منذ عقود، حيث يُروَّج له كداعمٍ أساسي لجهاز المناعة، بينما تبقى فاعليته الواقعية في الوقاية من الأمراض وتسريع الشفاء محل نقاش علمي.
بدأت قصة الفيتامين مع العالم الأمريكي الحاصل على جائزة نوبل لينوس بولينج، الذي ادعى في السبعينات أن جرعات مرتفعة من فيتامين سي قد تمنع الإصابة بالبرد، إلا أن الأدلة الحديثة لا تدعمه بشكل قاطع وتستند في الغالب إلى تقارير وتجارب شخصية أكثر منها إلى أدلة علمية قوية.
أصل الأسطورة وآفاقها العلمية
يرى خبراء أن معظم الدراسات حول دور الفيتامينات في علاج نزلات البرد ليست حاسمة؛ فقد أظهرت أبحاث أن المكملات قد لا تمنع البرد وتخفف الأعراض في بعض الدراسات الأخرى. وتؤكد الهيئة البريطانية للخدمات الصحية الوطنية أن الأدلة حتى الآن ضعيفة حول فاعلية فيتامين سي في منع النزلة أو تسريع الشفاء، مع الإقرار بأن دوره الحقيقي يظل في دعم المناعة وحماية الخلايا من الأضرار الناتجة عن الجذور الحرة.
ما تقوله الدراسات الحديثة
نشرت دراسة في المجلة الأمريكية لطب نمط الحياة أن تناول أكثر من 0.2 غرام يوميًا من فيتامين سي قد يقلل من شدة ومدة نزلة البرد.
وكانت مراجعة علمية عام 2023 أشارت إلى أن فيتامين سي قد يساهم في تقصير مدة المرض لدى بعض الحالات، لكن النتائج ليست ثابتة أو موثوقة بشكل عام.
يؤكد البروفيسور بول هانتر من جامعة إيست أنجليا أن فيتامين سي ليس علاجًا فعالًا للنزلة، محذرًا من الانخداع بمكملات يُروَّج لها كعلاج معجزة دون دعم علمي كافٍ.
بدائل وطرق تقوية المناعة
يركز الخبراء على أهمية الحفاظ على نظام غذائي متوازن يحتوي على الفيتامينات والمعادن الأساسية كأفضل وسيلة لدعم جهاز المناعة، مع الإشارة إلى أن فيتامينات D وC والزنك يمكن أن تلعب أدوارًا مهمة إذا جَاءت من الغذاء أو من مكملات عند الحاجة.
تشير دراسة أخرى إلى أن الزنك قد لا يمنع نزلة البرد تمامًا، ولكنه قد يقلل من مدة الأعراض، مع ملاحظة أن مصادر الزنك الشائعة لدى كثيرين تشمل اللحوم ومشتقات الألبان.
فيتامين D والوقاية من الفيروسات في الشتاء
يُعد فيتامين D عنصرًا حيويًا يزداد أهميته في فصلي الخريف والشتاء، فله دور في تعزيز المقاومة ضد الفيروسات التنفسيـة، خاصة لدى من يعانون من نقصه. وتوصي الهيئة البريطانية للخدمات الصحية الوطنية بتناول قرص يومي من فيتامين D خلال هذه الفترات للتعويض عن قلة التعرض لأشعة الشمس.
الوقاية خير من العلاج
تؤكد NHS أن نزلات البرد غالبًا ما تكون أعراضها سيلان الأنف والسعال والعطس الخفيف، بينما تُعد الإنفلونزا أكثر حدة وتسبب الحمى وآلام الجسم. وتشدد على أهمية التطعيمات، خاصة لكبار السن والحوامل وذوي الأمراض المزمنة، للحد من شدة العدوى والمضاعفات، إضافة إلى التطعيمات الموسمية ضد الإنفلونزا وكوفيد-19.
