تدخل مواسم السعال والعطس وتتنافس الصيدليات في عرض مكملات غذائية يعتقد أنها تقوي مناعة الجسم وتقي من نزلات البرد والإنفلونزا، وعلى رأسها فيتامين سي.
أسطورة فيتامين سي بدأت مع عالم نوبل
تعود شهرة فيتامين سي في مقاومة نزلات البرد إلى ادعاء لينوس بولينغ الحاصل على جائزة نوبل بأن جرعات عالية من فيتامين سي يمكن أن تمنع الإصابة بالنزلة، لكن هذه الفرضية لم تستند إلى أدلة علمية قوية وإنما إلى روايات وتجارب شخصية بحسب الإندبندنت.
أدلة غير حاسمة
توضح الدكتورة ليلى هانبيك أن غالبية الدراسات حول دور الفيتامينات في علاج نزلات البرد ليست حاسمة، فبعضها لم يظهر صلة ثابتة بين تناول المكملات وتخفيف الأعراض، بينما أشارت دراسات أخرى إلى إمكانية المساعدة في إدارة الأعراض وتقليل شدتها.
وتشير هيئة الخدمات الصحية الوطنية إلى أن الأدلة على فاعلية الفيتامين سي في منع الإصابة بالبرد أو تسريع الشفاء لا تزال ضعيفة، وأن الدور الحقيقي للفيتامين يكمن في دعم جهاز المناعة وحماية الخلايا من الأضرار الناتجة عن الجذور الحرة.
ماذا تقول الدراسات الحديثة؟
أظهرت دراسة نُشرت في المجلة الأمريكية لطب نمط الحياة أن تناول أكثر من 200 ملغ يوميًا من فيتامين سي قد يقلل من شدة ومدة نزلات البرد.
كما أشارت مراجعة علمية عام 2023 إلى أن الفيتامين قد يساهم في تقصير مدة المرض في بعض الحالات، لكن التأثير ليس ثابتًا ولا يثبت فاعلية وقائية عامة، وتؤكد NHS أن الأدلة لا تزال غير قاطعة.
رأي علماء الأوبئة
يقول البروفيسور بول هانتر، خبير الأوبئة في جامعة إيست أنجليا، إن فيتامين سي ليس علاجًا فعالًا للنزلة، محذرًا من الحماس الزائد للمكملات دون دليل علمي، قائلاً إن الكثيرين يروجون لمكملهم وكأنه علاج معجزة بينما لا تدعمه الأدلة القاطعة.
المكملات الغذائية
رغم الشكوك العلمية، يواصل الناس شراء الفيتامينات والمكملات، فقد أنفق البريطانيون نحو 442 مليون جنيه إسترليني على المكملات في 2018، ما يعكس ثقة الجمهور الكبيرة بهذه المنتجات حتى دون دلائل قاطعة على فعاليتها.
هل هناك بدائل أكثر فاعلية؟
تنصح الدكتورة هانبيك بالحفاظ على نظام غذائي متوازن يحتوي على الفيتامينات والمعادن الأساسية كأفضل وسيلة لدعم جهاز المناعة، وتؤكد أن فيتامينات د وج والزنك تلعب دورًا مهمًا في تقوية الجسم عند الحصول عليها بانتظام من الغذاء أو من المكملات عند الحاجة.
وتشير دراسة أخرى إلى أن الزنك قد يقلل من مدة الأعراض، مع العلم بأن معظم الأشخاص يمكنهم الحصول على كفايتهم من الزنك من اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان.
فيتامين د بطل خفي في فصل الشتاء
يُعد فيتامين د من العناصر الحيوية التي تزداد أهميتها في الشتاء، إذ يساعد على الحفاظ على صحة الجهاز المناعي، ووفق مراجعة علمية نُشرت في مجلة لانسيت يمكن لفيتامين د أن يعزز مقاومة الجسم لفيروسات الجهاز التنفسي خصوصًا لدى الأشخاص الذين يعانون من نقصه.
وتنصح هيئة الخدمات الصحية الوطنية بتناول قرص يومي من فيتامين د خلال فصلي الخريف والشتاء لتعويض قلة التعرض لأشعة الشمس.
الوقاية خير من العلاج
تذكر هيئة الخدمات الصحية الوطنية أن نزلات البرد غالبًا ما تسبب سيلان الأنف والسعال والعطس الخفيف، بينما تعد الإنفلونزا أكثر حدة وتسبب الحُمّى وآلام الجسم، كما أن كورونا قد يؤدي إلى أعراض مشابهة مع خطر أكبر على الفئات الضعيفة.
وينصح كبار السن، ومن يعانون من أمراض مزمنة، والنساء الحوامل، بالحصول على لقاح الإنفلونزا ولقاح كورونا لتقليل شدة العدوى والمضاعفات المحتملة.
