تؤكد الدكتورة إيمان السخاوي، الباحثة بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، أن علم التغذية هو العلم الذي يعنى بدراسة كيفية حصول الجسم على العناصر الغذائية اللازمة لدعم النمو، والحفاظ على الوظائف الحيوية، وتعزيز الصحة العامة، وذلك من خلال الوقاية من الأمراض وتحسين الأداء البدني والعقلي.
وتشير إلى أن تحقيق التوازن الغذائي المثالي يتطلب تناول أطعمة متنوعة ومغذية تلبي احتياجات الأفراد سواء كانوا أصحاء أو مرضى، مع التركيز على احتياجات الجسم من السعرات الحرارية والمغذيات الكبرى مثل البروتينات والدهون والكربوهيدرات، والمغذيات الدقيقة كالفيتامينات والمعادن.
التغذية العلاجية (Medical Nutrition Therapy – MNT) تمثل فرعًا متخصصًا من علم التغذية، تستخدم فيه النظم الغذائية كجزء من الخطة العلاجية للعديد من الأمراض، بهدف الوقاية منها أو علاجها أو إدارتها أو تحسين حالة المريض الصحية بشكل عام.
وأشارت إلى أن التغذية العلاجية تعد جزءًا لا يتجزأ من الرعاية الطبية، خاصةً للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب وأمراض الكلى، حيث تساعد في تحسين الاستجابة للعلاج والوقاية من المضاعفات وتسريع الشفاء، وذلك من خلال تقييم الحالة التغذوية وتحديد الاحتياجات ووضع خطة غذائية فردية تناسب كل حالة.
وأشارت إلى أهمية فهم طبيعة المرض، حيث تعرف الأمراض بأنها حالات تؤثر على وظائف الجسم الطبيعية، وقد تنتج عن العدوى أو اضطرابات مناعية أو عوامل وراثية أو نمط حياة غير صحي. وصُنّفت الأمراض إلى أربعة أنواع رئيسية: أمراض معدية تسببها كائنات دقيقة مثل البكتيريا والفيروسات (كالإنفلونزا والتهاب الكبد)، وأمراض غير معدية وتشمل المزمنة مثل السكري وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، وأمراض ناتجة عن نقص التغذية مثل فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، وأمراض التمثيل الغذائي مثل السمنة واضطرابات الغدة الدرقية.
ولتبيان نوع الغذاء المناسب لكل حالة يعتمد على فهم الأعراض المصاحبة للمرض، مما يسهم في التخفيف منها وتحسين فعالية العلاج وتعزيز الشفاء.
لفتت إلى أن نتائج العديد من الدراسات أثبتت وجود علاقة مباشرة بين الغذاء والمرض، فوجود نظام غذائي غير متوازن قد يسهم في تطور بعض الأمراض، بينما يمكن أن يكون النظام الغذائي المتوازن أداة فعالة للوقاية والعلاج. وتتنوع أدوار الغذاء بين الوقاية من خلال تعزيز المناعة بتناول الخضروات والفواكه، والعلاج باستخدام الأطعمة الغنية بالألياف لتخفيف الإمساك، والتأثير السلبي الناتج عن سوء التغذية مثل الإفراط في الدهون المشبعة والسكريات.
أكدت أن التفاعل بين مكونات الغذاء والأدوية قد يؤثر في امتصاص الأدوية وفعاليتها، وقد يسبب آثارًا جانبية غير متوقعة. وذكرت أبرز التداخلات كالتالي: تأثير الغذاء على امتصاص الدواء مثل تقليل الكالسيوم في الحليب لفعالية بعض المضادات الحيوية؛ تأثير الغذاء على استقلاب الدواء مثل تداخل عصير الجريب فروت مع أدوية الكوليسترول؛ تأثير الغذاء على فعالية الدواء مثل فيتامين K الذي يقلل من فعالية أدوية سيولة الدم؛ تأثير الدواء على امتصاص المغذيات مثل مضادات الحموضة التي تقلل امتصاص فيتامين B12.
استعرضت السخاوي عددًا من الأعراض المرضية الشائعة، مشيرة إلى كيفية التعامل معها غذائيًا: الحمى تتطلب تعويض السوائل والبروتينات وزيادة فيتامين C؛ الإسهال يحتاج إلى تعويض السوائل والأملاح وتناول أطعمة خفيفة قليلة الألياف؛ الإمساك يتطلب زيادة الألياف والماء والبروبيوتيك؛ الغثيان والتقيؤ تستدعي تناول وجبات صغيرة وسوائل مهدئة؛ فقدان الشهية يعالج بتناول وجبات صغيرة غنية بالسعرات والتوابل الطبيعية؛ التعب والإرهاق ينصح بتناول الحديد وفيتامين B12 والكربوهيدرات المعقدة.
واختتمت السخاوي حديثها بتأكيد أن التغذية العلاجية عنصر محوري في خطة العلاج لأي مريض، لما لها من فوائد متعددة تشمل دعم وظائف الجسم وتحسين المناعة والوقاية من المضاعفات الصحية وتحسين فعالية الأدوية والتقليل من الآثار الجانبية للعلاج وتسريع الشفاء بعد العمليات الجراحية وتحسين جودة الحياة والتعايش مع الأمراض المزمنة.
