أظهرت فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة اتساع الفجوة المالية بين الدوريين الإسباني والإنجليزي، حيث أنفقت أندية الدوري الإنجليزي أكثر من 3 مليارات جنيه إسترليني، بينما لم تتجاوز ميزانية أندية الليجا 592 مليون جنيه إسترليني، لتتأخر بذلك حتى خلف إيطاليا (مليار جنيه) وألمانيا (739 مليون جنيه).
احتلت صفقة ليفربول ضم السويدي ألكسندر إيزاك من نيوكاسل مقابل 125 مليون جنيه العناوين الكبرى، لكن معظم الصفقات في إسبانيا كانت منخفضة القيمة، مع تصدر ريال مدريد وأتلتيكو مدريد للاستثمارات بـ157 و149 مليون جنيه على التوالي، وحطّم فياريال رقمه القياسي باستقدام الجورجي ميكوتادزه مقابل 25.5 مليون جنيه.
لجأت أندية مثل إشبيلية وخيتافي إلى بيع نجومها لموازنة حساباتها، بينما اكتفى برشلونة بصفقات منخفضة التكلفة وأنهى الصيف بفائض متواضع قدره 16 مليون جنيه، وهو انعكاس لاستراتيجية مالية أكثر تحفظًا.
جاء هذا التحوّل نتيجة أزمات مالية في مطلع الألفية، حين تجاوزت ديون الأندية 595 مليون جنيه وواجه أكثر من 20 ناديًا خطر الإفلاس، ما دفع رابطة الدوري الإسباني منذ 2013 لفرض إطار صارم للرقابة الاقتصادية مستوحى من قواعد اللعب المالي النظيف.
تفرض هذه القواعد ألا تنفق الأندية أكثر مما تكسبه، وتخضع الرواتب والصفقات لمراقبة دقيقة، فبمرور الوقت تراجعت الديون وبدأت الأندية تحقق أرباحًا وتستعيد ثقة المستثمرين.
دخلت صناديق استثمارية كبرى كشركاء في أندية مثل أتلتيكو مدريد وفالنسيا وقادش، وحتى برشلونة اضطر لبيع أصوله وتفعيل “الروافع المالية” للالتزام باللوائح، مما يعكس تحوّل بنيوي في ملكية وتمويل الأندية.
لم يقتصر التحول على الجانب الرياضي، بل امتد إلى الاقتصاد والمجتمع، إذ تحولت أندية الليجا من مشاريع محفوفة بالمخاطر إلى مؤسسات أكثر استقرارًا تساهم في الاقتصاد الإسباني وتوفر آلاف الوظائف.
بذلك يُعتبر انتقال الدوري الإسباني من الفوضى إلى الاستدامة أحد أبرز إنجازاته في العقد الماضي، رغم فقدانه بعض بريق سوق الانتقالات لصالح الجاذبية المالية للدوري الإنجليزي.



