أفاق المراهق الهولندي من التخدير العام بعد جراحة بسيطة في الركبة ليجد نفسه غير قادر على التحدث بلغته الأم، ويستطيع التحدث باللغة الإنجليزية بطلاقة رغم أنها ليست لغته اليومية.
في البداية ظن الأطباء أن الأمر ارتباك مؤقت بعد التخدير، وهو أمر معروف لدى بعض المرضى خصوصًا صغار السن، لكن استمرار الحالة لساعات دفع الفريق الطبي إلى إجراء تقييمات دقيقة عصبية ونفسية.
التقييم الطبي
أظهرت الفحوصات أن المراهق كان في وعي كامل ويستجيب للأوامر، ولا يعاني من أي تلف أو خلل عصبي، كما أنه يتحدث الإنجليزية بلكنة هولندية واضحة ولا يستطيع التحدث بلغته الأم في تلك المرحلة مع قدرة محدودة على فهمها.
وبعد استبعاد الأسباب العصبية الخطيرة مثل السكتات الدماغية أو إصابات الدماغ، تم التوصل إلى تشخيص نادر.
التشخيص
شُخّصت الحالة بما يُعرف طبيًا بمتلازمة اللغة الأجنبية، وهي حالة نادرة يفقد فيها المريض مؤقتًا قدرته على استخدام لغته الأم ويتواصل بلغة ثانية سبق تعلمها.
وتؤكد الأطباء أن هذه المتلازمة تختلف عن متلازمة اللكنة الأجنبية، حيث يكتسب المريض لكنة أثناء التحدث بلغته الأصلية، بينما في هذه الحالة يكون التحول اللغوي كاملاً إلى لغة أخرى.
أسباب محتملة
حتى الآن لا يوجد تفسير قاطع، لكن الأبحاث ترجّح عوامل مثل اضطراب مؤقت في مراكز اللغة بالمخ نتيجة التخدير العام، وهذيان الإفاقة، وتأثير نفسي عصبي مرتبط بالتوتر أو الصدمة الجسدية. ويشير الأطباء إلى أن الدماغ قد يلجأ أحيانًا إلى لغة مكتسبة ثانية تكون أكثر حملًا عاطفيًا أو أقل عبئًا في حالات الارتباك المؤقت.
تطور الحالة
بعد نحو 18 ساعة من الجراحة بدأ المراهق في استعادة قدرته على فهم اللغة الهولندية تدريجيًا، لكنه ظل غير قادر على التحدث بها بطلاقة. وفي اليوم التالي، وخلال زيارة أصدقائه له في المستشفى، حدث التحسن المفاجئ حيث عاد للتحدث بلغته الأم بشكل طبيعي تمامًا.
النتيجة والتعافى
غادر المراهق المستشفى بعد أيام قليلة دون أي آثار جانبية، ولم تسجل عليه أية مضاعفات لاحقة.
حالة نادرة جدًا
تُعد هذه المتلازمة من الحالات النادرة للغاية، إذ لا تُسجل في الأدبيات الطبية سوى عدد محدود من الحالات المشابهة حول العالم، وغالبًا بين البالغين، مما يجعل وقوعها بين المراهقين من أندر الحالات الموثقة.
رسالة طبية
يؤكد الأطباء أن هذه الحالات، رغم غرابتها، مؤقتة وغير خطيرة في الغالب ولا تشير إلى مرض عصبي دائم، لكنها تفتح باب البحث لفهم العلاقة المعقدة بين الدماغ واللغة والتخدير العام.
تؤكد هذه الواقعة أن الدماغ البشري يحمل أسرارًا كثيرة، وأن الطب لا يزال يتعلم من مثل هذه الحالات الاستثنائية.



