انطلاقة موسم صيد الصقور في جازان عند بداية الشتاء
يبدأ موسم صيد الصقور في جازان مع بداية الشتاء، حيث تتحول جبال المنطقة وسواحلها إلى محطات رئيسية لمسارات الطيور المهاجرة من آسيا الوسطى إلى المناطق الدافئة، ويعد هذا الموسم من أبرز الموروثات المتجذّرة في ذاكرة المجتمع الجازاني ومكوّنًا أصيلاً من الهوية الثقافية والصحراوية للمملكة.
يُمارَس صيد الصقور في جازان كهوية موسمية وفن تراثي يتوارثه الآباء إلى الأبناء لعقود طويلة، وتظل القصائد القديمة حاضرة في الذاكرة مع حفظ التقاليد الشفوية.
يستعد الصقّارون لانطلاق الموسم مع نهاية الخريف تزامنًا مع عبور الصقور المهاجرة القادمة من آسيا الوسطى إلى المناطق الدافئة، ويمتد الموسم من سبتمبر حتى يناير، حيث تتحول جبال جازان وسواحلها إلى محطات رئيسية لمسارات الطيور المهاجرة، وتشكّل مشاهد الصيد لوحة تجمع بين التقاليد والمتعة والمنافسة، مع معرفة دقيقة بتضاريس الأرض ومسارات عبور الصقور.
اعتمد نادي الصقور السعودي والجهات المعنية ضوابط لتنظيم النشاط شملت تسجيل الصقّارين رسميًا، ومنع استخدام الأساليب الجائرة، وحماية الكائنات الحية المهددة بالانقراض، وتتابع القوات الخاصة للأمن البيئي التزام الصقّارين بالأنظمة وتطبق الإجراءات بحق المخالفين، إضافة إلى تكثيف الحملات التوعوية للحفاظ على التنوع الحيوي.
وتتنوع أساليب الصيد في جازان بين التقليدية والحديثة، من أبرزها “الشبك على الحمامة” عبر ربط شبكة خفيفة بطائر حمام لجذب الصقر والإمساك به، و”المخدجة” التي تُستخدم ليلًا بإضاءة خافتة للإمساك بالصقر، إضافة إلى طريقتي “النقل” و”المناشبية” اللتين تتطلبان خبرة في تتبّع مسار الطائر وموقع هبوطه.
ويُعدّ الصقر شريكًا في الرحلة، حيث يجري تدريبه والعناية به، ثم يُعرض في مزادات نادي الصقور السعودي التي تستقطب مشاركين من مختلف مناطق المملكة ودول الخليج، وسجّلت بعض الصقور أسعارًا مرتفعة وصلت إلى 150 ألف ريال، ما يعكس القيمة الاقتصادية المتزايدة لهذا الإرث.
وأسهمت تنظيمات نادي الصقور السعودي في دعم استدامة الهواية وتطويرها وتحويلها إلى نشاط اقتصادي منظم يراعي البيئة ويصون التراث الوطني، إلى جانب فتح المجال للمنافسة العادلة والتسويق الرسمي للصقور المميزة في المزادات المعتمدة.
ويجسد موسم الصقور في جازان روح الإنسان الجازاني المرتبط ببيئته وطبيعته، والمتمسّك بإرثه العريق، حيث تمتزج المغامرة بالشغف وتلامس العزيمة سماء الجبال والسواحل، لتبقى الصقارة فصلًا من فصول الجمال السعودي الذي يجمع التراث والطبيعة والاعتزاز بالهوية.
