أقرّ مجلس الشيوخ في أوروغواي قانونًا يجيز القتل الرحيم، وهو يتيح للمرضى المصابين بأمراض ميؤوس منها إنهاء حياتهم بمساعدة طبية ضمن شروط محددة.
ونال القانون موافقة 20 عضوًا من أصل 31 في المجلس، ليكون البلد أول دولة في أمريكا اللاتينية ذات أغلبية كاثوليكية تعتمد تشريعًا صريحًا لهذا الإجراء.
التشريع والجدل الأخلاقي
يبقى القتل الرحيم موضوعًا يثير أسئلة حول حق الإنسان في تقرير مصيره وحدود التدخل الطبي بين الرحمة والتعدي، فبين من يرى فيه عملاً رحيمًا يخفف المعاناة وبين من يراه مخالفة لقيم الطب الأساسية المتمثلة في مبدأ عدم الإيذاء.
يرفض المعارضون الفكرة لأنها تعتبر إنهاءً للحياة جريمة أخلاقية تمس جوهر الطب، وتخشى السلطات الطبية من إساءة استخدام هذه الصلاحيات، لا سيما أمام فئات ضعيفة مثل كبار السن أو ذوي الإدراك المحدود.
يؤكد أنصار القتل الرحيم أن كثيرًا من الأمراض المزمنة أو المميتة بلا علاج، وأن إبقاء المريض في ألم دائم قد يكون أقرب إلى القسوة من إنهاء المعاناة، بينما يرى المعارضون أن سحب العلاج أو تسهيل الموت المقصود هو تجاوز لحدود الإنسانية ويحرِم الحياة من قيمها المعنوية.
من التشريع إلى التطبيق وتبدلات العالم
جاء هذا القانون بعد نقاشات استمرت خمس سنوات داخل البرلمان، وتوّجت بموافقة 20 من أصل 31، فارتبطت أوروغواي بجهة محدودة من الدول التي تعترف رسميًا بما يسمى “الموت الرحيم”، بينما تسمح دول أخرى بذلك عبر أحكام قضائية فقط.
تحولت المواقف العالمية نحو القبول بصورة متزايدة، فشملت خطوة بريطانيا مع دول أخرى، وانضمت نيوزيلندا وإسبانيا ومعظم ولايات أستراليا إلى هذا الإطار، بينما تسمح ولايات أمريكية مثل أوريجون وواشنطن وكاليفورنيا بهذا النوع من الممارسات ضمن شروط صارمة.
وفي سابقة نادرة، حصلت امرأة من هولندا على موافقة لتنفيذ القتل الرحيم بسبب معاناة من مرض نفسي مزمن، وهو ما أثار جدلاً أخلاقيًا وقانونيًا حول أبعاد البعد النفسي والحالة العقلية في اتخاذ القرار.
مبررات المؤيدين والرافضين ونطاق النقاش الطبي
يرى مؤيدو القتل الرحيم أنه إجراء رحيم يهدف إلى إنهاء ألم لا فائدة من الاستمرار فيه، ويتنوع أسلوب التطبيق بين إعطاء جرعات قاتلة بشكل نشط، والسماح للمريض بالمشاركة في اتخاذ القرار، أو تطبيق شكل من أشكال القتل الرحيم غير الطوعي في حالات معينة.
أما المعارضون فيرون أن إنهاء الحياة مهما كانت الدوافع ينعكس على طبيعة الطب كحقل يركز على حماية الحياة وتخفيف الألم دون إحلال الموت مكان العلاج، ويربطون ذلك بإمكانات الاستغلال وتعرّض الفئات الأكثر ضعفًا للخطر.
تظل النقاشات قائمة بين ضرورة التخفيف من المعاناة واحترام قدسية الحياة، وبين حماية المهنة من التحول إلى أداة تنفيذ للموت، مع وجود اختلافات في الرؤى حول شكل ومحددات التدخل الطبي في إطار الرحمة والإنقاذ.
