يُعد الحفاظ على ضغط دم صحي أثناء الحمل أمرًا حيويًا لصحة الأم والجنين، فبينما يحظى ارتفاع ضغط الدم باهتمام خاص بسبب مخاطر تسمم الحمل، يظل انخفاض ضغط الدم أيضًا مصدر قلق. بالنسبة لمعظم الحوامل، يكون انخفاض الضغط الخفيف غير مضر وغالبًا ما يزول مع تكيف الجسم مع التغيرات، أما انخفاض الضغط الحاد أو المفاجئ فقد يشير إلى مخاطر على الأم والجنين ويستلزم رصداً ومراقبة دقيقة.
لماذا يتقلب ضغط الدم أثناء فترة الحمل؟
يتقلب ضغط الدم أثناء الحمل بشكل طبيعي بسبب التغيرات الكبيرة في الجهاز القلبي الوعائي؛ تتوسع الأوعية وتتكيّف الدورة الدموية مع زيادة الدم اللازم لدعم الجنين، ما يجعل الانخفاض جزءًا من هذه التغيرات خاصة في الثلثين الأول والثاني، فيما غالبًا ما يعود الضغط إلى مستواه السابق قبل الحمل في الثلث الأخير. يراقب الأطباء الضغط خلال زيارات ما قبل الولادة للكشف المبكر عن أية مضاعفات محتملة.
كيف يؤثر انخفاض ضغط الدم على نمو الجنين؟
تشير بيانات بحثية إلى وجود ارتباط بين انخفاض الضغط المستمر لدى الأم أثناء الحمل وزيادة احتمال ولادة أطفال بوزن منخفض، ما يدل على أن انخفاض الضغط المزمن يمكن أن يؤثر في نمو الجنين حتى في الحمل غير المعقد، لذا تبقى مراقبة الضغط وإدارته خلال فترة الحمل أمراً ضرورياً.
أسباب انخفاض الضغط أثناء الحمل
تعود أسباب انخفاض الضغط أثناء الحمل إلى عوامل عدة، منها التغيرات الفسيولوجية التي تتوسع فيها الأوعية لاستيعاب زيادة الدم إلى الرحم ما يسبّب انخفاض الضغط خاصة في الأسابيع المبكرة؛ كما يمكن أن يسبب الجفاف نقص حجم الدم، والتغذية غير الكافية أو نقص فيتامينات مثل ب12 وحمض الفوليك والحديد فقر الدم، وهو ما يساهم في انخفاض الضغط. كما أن أمراض القلب أو بعض الأدوية قد تخفض الضغط، إضافة إلى الراحة الطويلة في الفراش أو نمط الحياة المستقر والذي قد ينعكس سلباً على الدورة الدموية. وفي حالات الحمل خارج الرحم قد يشير انخفاض الضغط إلى مضاعفات خطيرة تحتاج عناية طبية فورية.
أعراض انخفاض الضغط أثناء الحمل
قد لا تعاني بعض النساء من أعراض، لكن توجد علامات شائعة مثل الدوار عند الوقوف بسرعة، ونوبات الإغماء أو الاقتراب منها، والغثيان أو القيء، والتعب والضعف، وتغير الرؤية، وبشرة باردة ورطبة، والتنفس السريع أو الضحل، والشعور بالعطش والجفاف، بالإضافة إلى صعوبة التركيز. يجب على الحوامل اللاتي يعانين من أي من هذه الأعراض الاتصال بالطبيب فوراً.
المخاطر المرتبطة بانخفاض ضغط الدم
انخفاض الضغط الخفيف غالباً ما يكون غير ضار، لكن الانخفاض الشديد أو المفاجئ قد يؤدي إلى السقوط والإصابات، وتقليل تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية مثل المشيمة ما يؤثر في نمو الجنين. وفي حالات نادرة قد يشير الانخفاض إلى وجود نزيف داخلي أو أمراض قلب أو حمل خارج الرحم. كما تشير بعض الدراسات إلى أن انخفاض الضغط قد يرتبط بارتفاع مخاطر انخفاض وزن الوليد أو محدودية النمو إلى جانب عوامل خطر أخرى، رغم أن البحث في التأثير المباشر لا يزال محدوداً.
تشخيص انخفاض الضغط
يُقاس ضغط الدم باستخدام جهاز قياس قياسي في العيادة أو المنزل، وتساعد المتابعة المنتظمة الطبيب في معرفة ما إذا كانت القراءات ضمن النطاق الآمن وما إذا كان هناك حاجة لإجراء فحوص إضافية لاستبعاد حالات مرضية كامنة.
علاج وإدارة تقلبات ضغط الدم أثناء الحمل
في معظم الحالات لا يتطلب انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل علاجاً معيناً؛ إذ يتركز العلاج على معالجة الأعراض والأسباب الكامنة إن وجدت. وتتناول التدابير الأساسية تعزيز الترطيب وتعديل نمط الحياة لضمان سلامة الأم والجنين، مع الإشارة إلى أن بعض الحالات تستدعي توجيه الطبيب لتعديل الأدوية أو إضافة مكملات غذائية عند الحاجة.
تدابير منزلية ونمط حياة للوقاية من المخاطر المرتبطة بانخفاض الضغط
يمكن إدارة انخفاض الضغط من خلال الحفاظ على رطوبة الجسم بشرب كميات كافية من الماء والسوائل، وتناول وجبات صغيرة ومتكررة لتجنب انخفاض السكر في الدم، والنهـوُض ببطء من وضعية الجلوس أو الاستلقاء لتفادي الدوار، وتجنب الوقوف الطويل، وارتداء ملابس فضفاضة ومريحة تدعم الدورة الدموية، والحصول على قسط كاف من الراحة لتخفيف التوتر ودعم الضغط الدموي الصحي.
متى تحتاجين إلى رعاية طبية؟
يتطلب التدخل الطبي إذا بلغ انخفاض الضغط حدّته الشديدة أو كان ناتجاً عن حالات مثل فقر الدم أو أمراض القلب، وفي هذه الحالات قد يوصي الطبيب بتعديل الأدوية أو المكملات الغذائية مثل الحديد وحمض الفوليك وفيتامين ب12، إضافة إلى متابعة دقيقة إذا استمر الانخفاض أو ظهر بعد الولادة.
