يؤكد الدكتور عبد المنعم إبراهيم أن القلب شديد الهشاشة أمام المشاعر الجياشة، فجرعة مكثفة من الحزن أو الفرح أو الخوف قد تترك أثرًا واضحًا على نشاطه.
ليس بالضرورة أن تكون هذه المشاعر حزينة فقط؛ فالفَرَح المفرط يمكن أن يؤذي القلب أحيانًا، بل قد يصل الأمر أحيانًا إلى الوفاة. فالحزن والفرح والخوف والتوتر الشديد جميعها مشاعر إذا اجتمعت بشكل مركّز وتدفقت بقوة فإنها تؤثر على القلب بوضوح، وتختلف الاستجابة باختلاف الحالة العمرية وقابلية القلب لدى كل شخص.
تُبيّن الحقيقة أن القلب ليس مجرد عضلة تضخ الدم؛ فهو عضو يتأثر مباشرة بالمشاعر، فالمشاعر القوية جدًا سواء كانت حزنًا عميقًا أو فرحًا مفرطًا أو خوفًا شديدًا قد تثير استجابة جسدية عنيفة يصعب على القلب التعامل معها في اللحظة نفسها.
عندما يواجه الإنسان موقفًا مرعبًا أو صدمة نفسية مفاجئة يفرز الجسم كميات كبيرة من الهرمونات، فتزداد نسب الأدرينالين والهرمونات الأخرى وتتعطّل توازناتها، فيرفع الدم الضغط وتزداد حساسية ضربات القلب وتنتظمها، وتؤثر هذه الهرمونات على كهرباء القلب مباشرة.
وفي حالات نادرة، يمكن أن يؤدي هذا الاضطراب المفاجئ إلى ما يُعرف بخلل كهرباء القلب أو حتى إلى توقفه الكامل.
وتختلف الاستجابة من شخص لآخر، فالأطفال وكبار السن، أو من لديهم مشاكل قلبية موروثة أو ضعيفة في عضلة القلب، قد تكون استجابتهم حادة وخطيرة بسرعة، فالخوف الشديد يربك الجهاز العصبي ويؤدي في بعض الحالات إلى أزمة قلبية أو اضطراب في ضربات القلب.
الخوف المفاجئ… عندما يصبح الأدرينالين سلاحًا ذا حدين
وبحسب موقع Heart التابع لجمعية القلب الأمريكية، فإن الخوف الشديد يمكن أن يكون قاتلًا في حالات نادرة جدًا. عندما يواجه الجسم خطرًا مفاجئًا يدخل في وضعية القتال أو الهروب، ويفرز الدماغ دفعة قوية من الأدرينالين مما يجعل القلب ينبض بسرعة غير طبيعية ويرفع ضغط الدم استعدادًا للهروب أو الدفاع.
لكن لدى بعض الأشخاص، خاصة الذين يعانون من أمراض قلبية كامنة، يمكن أن يؤدي هذا الاندفاع إلى ما يعرف بمتلازمة القلب المكسور (Takotsubo Cardiomyopathy)، وهي حالة مؤقتة تضعف فيها عضلة القلب نتيجة صدمة نفسية شديدة وتظهر كالنوبة القلبية في الأعراض رغم عدم وجود انسداد في الشرايين.
وتذكّر هذه الحالات أن قلب الإنسان لا يفرق بين الخطر الحقيقي والخطر المتخيل؛ فالإشارات العصبية وحدها قد تُطلق العاصفة الكيميائية في الجسم وتؤثر في تدفق الدم وقوة الضربات الكهربائية في القلب.
الوقاية من الخوف القاتل
يعتقد خبراء القلب أن الوقاية تعتمد على حفظ سلامة الجهاز العصبي والقلب معاً.
الأشخاص الذين يتمتعون بلياقة بدنية جيدة تكون استجابتهم لهرمون الأدرينالين غالبًا أكثر توازنًا، لأن أجسامهم معتادة على مواجهة اندفاعاته أثناء التمارين الرياضية.
وينصح بالحفاظ على ضغط دم مستقر، ونوم كافٍ، والابتعاد عن الضغوط المزمنة لأنها تهيئ الجسم لتحمل الصدمات النفسية دون انهيار مفاجئ.
