يعتبر القهوة مشروبًا يوميًا يعتمد عليه ملايين الناس لبدء يومهم، لكن هل شرب القهوة قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم المزمن أم أن الحديث عنه مجرد خرافة؟ فيما يلي نلقي نظرة فاحصة على الأدلة العلمية ونفك شيفرة العلاقة بين القهوة وضغط الدم.
كيف قد تؤثر القهوة وضغط الدم؟ الفرضية البيولوجية
الكافيين، المكون الرئيسي في القهوة، يعمل كمنبّه للجهاز العصبي المركزي، وقد يؤدي إلى إفراز هرمون الأدرينالين الذي يرفع ضغط الدم بشكل مؤقت. كما أن الكافيين يثبط مستقبلات الأدينوزين التي تساعد على توسيع الأوعية الدموية، مما قد يسبب تضيقها وارتفاع الضغط إلى حين زوال أثره. إضافة إلى ذلك، تحتوي القهوة على مضادات أكسدة ومركبات أخرى قد تخفف من التأثيرات الضارة المحتملة أو تلعب دورًا وقائيًا في الجسم.
ماذا تقول الدراسات؟ الأدلة متباينة
التأثير القصير الأجل يظهر في عدة تجارب بأن جرعة كافيين تتراوح نحو 200–300 ملغ قد ترفع الضغط خلال الساعات التالية بمقدار يقارب 8 ملم زئبق في الضغط الانقباضي و5–6 ملم زئبق في الضغط الانبساطي. وفي تجربة أخرى أُجريت على شباب أصحاء باستخدام كوب واحد من القهوة (حوالي 80 ملغ كافيين)، لم يظهر ارتفاع معنوي كبير في الضغط بعد ساعة، ما يشير إلى أن التأثير قد يكون طفيفًا أو متباينًا حسب الفرد.
أما تأثيرها على المدى الطويل وعلاقتها بارتفاع الضغط المزمن، فقد وجدت دراسة طويلة الأمد في جامعة جونز هوبكنز أن الرجال الذين يشربون القهوة بشكل منتظم لم يظهروا فرقًا في متوسط ضغط الدم عبر عقود مقارنة بمن لا يشربونها. كما أشارت مراجعات إلى أن الكافيين قد يرفع الضغط بشكل بسيط عند التعرض الحاد (حوالي 2.4 ملم انقباضي و1.2 ملم انبساطي)، لكن هذا الارتفاع لا يترجم عادة إلى تأثير مزمن واضح على معظم الناس الأصحاء.
الخلاصة: خرافة أم حقيقة؟
الحقيقة أن القهوة ترفع الضغط بشكل مؤقت غالبًا عند الأشخاص غير المعتادين على شربها، خاصة عند من لا تتكرر لديهم هذه العادة. لكن الأدلة الحالية لا تدعم بشكل قوي وجود ارتفاع دائم في ضغط الدم أو زيادة خطر فرط الضغط بسبب الاستهلاك المعتاد لدى عموم الناس الأصحاء. قد يختلف التأثير بين الأفراد، فبعض الأشخاص الحساسين للكافيين أو المصابين بارتفاع ضغط الدم قد يشعرون بتأثير أقوى، لذا قد يُنصح بتناول كميات معتدلة أو مراقبة التفاعل الشخصي.
نصائح لمحبي القهوة
إذا كنت لا تشرب القهوة بانتظام، قد تلاحظ ارتفاعًا أكبر في ضغطك عند تناولها فجأة وتُستحسن مراقبة الضغط قبل وبعد كوب القهوة. تجنب التوقف المفاجئ عن القهوة؛ فقلل الكمية تدريجيًا إذا رغبت بذلك. إذا كنت تعاني من ارتفاع ضغط الدم بالفعل، استشر طبيبك حول الكمية الملائمة من الكافيين بالنسبة لك. واختر طرق تحضير تقلل من المركبات التي قد ترفع الدهون أو تترك آثارًا ضارة، مثل اختيار القهوة المفلترة بدلاً من غير المفلترة.
