اعتمد الأمير وليام نهجاً مغايراً في تربية أطفاله الثلاثة يقوم على الانفصال الواعي عن الشاشات، وليس على التحكم أو الحرمان. وأوضح أن قراره بمنع الهواتف في منزله ليس للتحكم بل لرغبة في منح أطفاله طفولة هادئة بعيدة عن التشتت والضجيج الرقمي. ويرى أن تجربته في طفولته بسبب انفصال والديه دفعته إلى بناء منزل مستقر مليء بالحب والأمان، حيث يجد الطفل نفسه محاطاً بالدعم والعاطفة وليس بالضوء الأزرق للشاشات. وتحدث خلال ظهوره في برنامج وثائقي عن رغبته في تقديم نموذج أبوي يتشارك يومياً في الوجبات والأنشطة والدراسة، معتبرًا أن الأسرة هي نواة كل ما يأتي بعدها.
يعيش جورج وشارلوت ولويس بعيدين عن الهواتف الذكية، بينما يشجّعهم والدهم على ممارسة الرياضة والفنون. فالجورج يعشق كرة القدم ويفتح اهتمامه على التاريخ، وتحب تشارلوت الباليه وكرة الشبكة، أما لويس فميال للقفز على الترامبولين والطبول. يقول وليام إن الموسيقى والأنشطة البدنية تساعد الأطفال على التعبير عن أنفسهم بصورة صحية أكثر من الانغماس في العالم الافتراضي.
نهج الأمير وليام في تربية أطفاله وتجنب الشاشات
يؤكد الدكتور أمجد العجرودي، استشاري الطب النفسي، أن الشاشات لم تعد مجرد وسيلة ترفيه بل أصبحت بيئة رقمية تغيّر طريقة التفكير والسلوك بشكل خطير. ويشير إلى أن الاستخدام العشوائي قد يؤدي إلى انعزال اجتماعي وعاطفي، وتخلق الصور والمشاهد اضطرابات عاطفية وتربك قدرة الطفل على التمييز بين الواقع والافتراض، بينما يؤثر الضوء الأزرق المستمر على الساعة البيولوجية ويقلل إنتاج الميلاتونين الضروري للنوم.
يرى أخصائي النفس أن الإفراط في استخدام الشاشات يخلق أنماطاً من الإدمان السلوكي يصعب التخلص منها، ما يجعل الطفل منغلقاً على ذاته أو سريع الغضب والانفعال. كما أن قضاء ساعات طويلة أمام الأجهزة يؤدي إلى تراجع المهارات الحركية واللغوية والتواصلية، وينعكس على القدرة على تنظيم الوقت والالتزام بالواجبات والأنشطة، كما يرفع من الحساسية العاطفية ويقلل من تحمل الصعاب.
تشير نتائج الأبحاث الحديثة إلى أن الأطفال والمراهقين يقضون ما بين خمس إلى ثماني ساعات يومياً أمام الشاشات، وهو ارتفاع يرتبط بتراجع التركيز وصعوبات النوم وتدني الأداء الدراسي، كما أن التعرض المستمر للضوء الأزرق يؤثر على الساعة البيولوجية للدماغ ويقلل من إنتاج الميلاتونين.
الأطفال دون 18 شهراً يُمنعون من أي وقت أمام الشاشات باستثناء مكالمات الفيديو العائلية، ومن 18 إلى 24 شهراً يمكن السماح بوسائل تعليمية محدودة وبإشراف مباشر من الأهل، ومن عمر سنتين إلى خمس سنوات لا تتجاوز ساعة يومياً من المحتوى التعليمي، ومن خمس سنوات فأكثر يجب ألا تتجاوز ساعتان يومياً مع نقاش حول ما يشاهده الطفل مع والديه. وتؤكد الدراسات أن وجود أحد الوالدين أثناء الاستخدام يغيّر طريقة التعلم والفهم، بينما وجود التلفاز في الخلفية يعرقل نمو اللغة نتيجة تقليل التفاعل اللفظي مع الطفل.
تشير الأبحاث إلى أن الأطفال الذين يقضون أكثر من ساعتين يومياً أمام الأجهزة معرضون لخطر تأخر اللغة بستة أضعاف مقارنة بغيرهم، خاصة إذا بدأوا استخدام الشاشات قبل عمر عام واحد.
تدعو الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال إلى بدائل إيجابية بتوافر وقت للعب والحركة بدلاً من الشاشات، مثل اللعب في الحديقة أو ركوب الدراجة أو المشي مع الأسرة. وتؤكد أن هذه الأنشطة لا تعزز الجسد فحسب بل تقوّي الروابط الأسرية وتبني شخصية قادرة على التواصل الحقيقي مع الآخرين.
