الفكرة وخلفيتها
تخطط ناسا لتمويل أبحاث تشرح كيفية بناء مساكن قمرية كروية من الزجاج القمري المصهور من ترابه، حيث تُجمع أجزاء من التربة القمرية وتُذوّب وتُنفخ إلى فقاعات زجاجية كبيرة يمكن أن تشكل هياكل شفافة للإقامة وتربطها جسور زجاجية فيما بينها. وتُطرح الفكرة من قبل شركة Skyeports الأمريكية التي تقترح تطوير فرن ميكروويف ذكي يساعد في إذابة الزجاج المنصهر ونفخه إلى فقاعة كبيرة تتصلب لاحقًا لتكون بنية سكنية شفافة. تمول الوكالة هذه الأبحاث ضمن برنامج المفاهيم المتقدمة المتخصصة (NIAC)، وتلقى الفكرة إعجابًا من NASA منذ البداية وفقًا للتقارير المتداولة، فيما يُنظر إليها كفكرة قد تغيّر قواعد البناء في الفضاء إذا أُثبتت فعاليتها.
كيف ستُصنع هذه الكرات الزجاجية في القمر
تقوم الخطة على جمع تراب القمر-الريجوليث-من الأرض مباشرة عند الوصول إليه، ثم صهره ونفخه عبر أنابيب غاز ضخمة لإنتاج كرات زجاجية كبيرة قابلة للإسكان، مع إعادة استخدام هذه الأنابيب لإنشاء مدخل الفقاعة بعد تشكّلها. ستكون التركيبات الداخلية للمسكن مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد باستخدام مواد مستمدة من سطح القمر، ما يقلل الاعتماد على نقل أجزاء كبيرة من الأرض. إلى جانب الزجاج القمري، سيُخلط المعدن مثل التيتانيوم والمغنيسيوم والكالسيوم في المركب الخام لزيادة قوته ومتانته.
ستُبنى كرات الاختبار بحجم عدة بوصات في البداية، لكن الهدف هو توسيعها إلى مقاسات تصل مئات أو آلاف الأقدام لتوفير مساكن عملية لرواد الفضاء، مع تصميم يتيح أن تكون نصف الكرة على سطح ما دافئًا والآخر أكثر برودة لإنتاج التكثيف الضروري لزراعة المحاصيل وتكوين نظام بيئي لإنتاج الأكسجين. كما يُخطَّط لإنتاج طبقة من الفقاعات تكون أحد سطوحها أكثر دفئًا من الآخر لتعزيز التحكم في الظروف الزراعية والبيئية داخل المستعمرات القمرية.
يأمل فريق التطوير أن تكون هذه الفقاعات الزجاجية الكبيرة قادرة على توليد الكهرباء اللازمة لتشغيل النظام ككل، وذلك عبر دمج عدة طبقات فقاعة تعمل معًا لتوليد مصدر طاقة ذاتي. وتُجرى اختبارات النفخ في غرفة تفريغ حراري خلال يناير قبل نقلها إلى بيئة انعدام جاذبية، ثم اختبارها في محطة الفضاء الدولية، وربما تُجرى تجارب على سطح القمر خلال السنين القادمة.
خطط الاختبار والتنفيذ والمرحلة المستقبلية
تُرى الفكرة كخيار جذاب من حيث البناء في موقع القمر نفسه لتقليل تكاليف النقل والبناء؛ فالمواد تُنفخ وتُشكّل محليًا على سطح القمر، ما يقلل الحاجة لنقل هياكل كبيرة من الأرض. ستُستخدم أنابيب الغاز لإدخال الهواء وتشكيل المدخل بعد تكون الفقاعة، في حين سيُطبع الداخل بتقنية ثلاثية الأبعاد باستخدام خامات من سطح القمر نفسه لضمان تكاملية البناء مع الموارد الموجودة.
إلى جانب الزجاج القمري، يُتوقع إدراج طبقات من المعادن كالتِيتانيوم والمغنيسيوم والكالسيوم في المكوِّنات الأساسية لرفع القوة والمتانة، مع إمكانية إنشاء طبقات فقاعة متعددة بحيث يختلف سطحيها في درجة الحرارة لتسهيل التكثيف الزراعي وتوفير بيئة مناسبة للنباتات وإنتاج الأكسجين. كما يُأمل أن تُستخدم هذه الفقاعة الضخمة في توليد قدر كافٍ من الكهرباء لتشغيل النظام البيئي كاملاً، بما في ذلك الإضاءة والتهوية ومعدات الزراعة والأنظمة الحيوية الأخرى.
قال الدكتور مارتن بيرموديز، الرئيس التنفيذي لشركة Skyeports، إنه يحلم يومًا بمدن من الكرات الزجاجية المترابطة بجسور من الزجاج على سطح القمر أو في مواقع فضائية أخرى، وأن هذه الرؤية قد تقربنا من تحقيق محاكاة الأرض وتوفير قاعدة صلبة لاستعمار الفضاء. وأكّد أن NASA أعجب بالفكرة منذ بدايتها وتُجرى أبحاثها الآن ضمن NIAC لمشاريع قد تحدث نقلة نوعية في استكشاف الفضاء وبناء المستعمرات.
تشير المصادر إلى أن بناء هذه النُظم المصغّرة في الموقع مُغرٍ من حيث تقليل تكاليف اللوجستيات ونقل المواد، وأن استخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد ودمج المواد المستخلصة من سطح القمر يساعدان في تحقيق فكرة المساكن الكروية القابلة للصيانة ذاتيًا، مع وجود خطط لاختبار التقنية في بيئات مختلفة وصولاً إلى تطبيقها على سطح القمر خلال السنوات القليلة القادمة، ما يفتح الباب أمام إمكانات جديدة لإنتاج الطاقة وتوليد الغذاء وتوفير الأكسجين داخل مستعمرات فضائية مستقبلاً.
