راقب فمك ولا تهمل الإنذار الأول. لا تعتبر تشنج الفك مجرد مشكلة في المضغ أو الكلام، فهو علامة على وجود خلل عضلي أو عصبي قد يحتاج تقييمًا دقيقًا وتدخلاً في الوقت المناسب لمنع الألم والمضاعفات الطويلة.
أولًا: كيف يظهر تشنج الفك؟
يظهر عادةً كعجز عن فتح الفم بشكل كامل، وتقل المسافة بين الفكين عن الحد الطبيعي، التي تكون عادة بين أربعة حتى ستة سنتيمترات. قد يشعر المصاب بأن فكه مغلق أو مشدود ولا يستجيب للاسترخاء.
وإلى جانب ذلك يعاني المصاب غالبًا من ألم في أحد جانبي الفك أو كلاهما، وصعوبة في المضغ أو التحدث وتصلب في عضلات الوجه حول الفم والخدّين، وقد ينتشر الألم إلى الرقبة أو الأذن. قد يرافق التشنج تورمًا في الفك أو إحساسًا بالحرارة في المنطقة المصابة، وفي الحالات الشديدة قد يسود التعرق والحمّى وخفقان سريع بسبب التوتر العضلي الشديد. تبدأ الأعراض عادة بشكل تدريجي لكنها قد تتطور بسرعة خلال ساعات قليلة.
ثانيًا: لماذا يحدث تشنج الفك؟
يحدث عندما تفقد عضلات الفك قدرتها على الارتخاء بعد الانقباض، فيبقى الفك في وضع مغلق جزئيًا أو كليًا. تختلف الأسباب بين أسباب عضوية أو عدوى أو آثار لعلاجات سابقة. تشمل الأسباب المحتملة إصابات الفك أو الفم مثل الصدمات أو علاجات الأسنان الصعبة، والعدوى البكتيرية مثل الكزاز التي تؤثر على الجهاز العصبي وتسبب تقلصات مستمرة، واضطرابات مفصل الصدغي الفكي، والتهابات مزمنة أو التهاب مفاصل، والتعرض للعلاج الإشعاعي للراس والرقبة، وآثار جانبية لأدوية مثل مضادات الذهان أو أدوية تؤثر على مستقبلات الدوبامين. تزيد عوامل مثل التقدم في العمر، وضعف المناعة بسبب أمراض مزمنة، وجود تاريخ جراحي في الفك أو الفم، سوء الإطباق، وتعاطي المخدرات بالحقن من فرص الإصابة.
ثالثًا: كيف يُشخّص الأطباء تشنج الفك؟
يقوم الطبيب بجمع التاريخ الطبي للمريض مع التركيز على الإصابات السابقة والعلاجات الإشعاعية والأدوية المتداولة، ثم يجرى فحص سريري لقياس مدى فتح الفم واستجابة العضلات للحركات. قد يجري الطبيب فحوص دم للكشف عن عدوى أو التهابات أو وجود علامات قد تشير إلى الكزاز، إلى جانب التصوير الشعاعي مثل الأشعة المقطعية لتقييم الكسور والإصابات الهيكلية، والتصوير بالرنين المغناطيسي لتفصيل الأنسجة الرخوة والمفصل الصدغي وتبيان وجود تليف أو ضرر في العضلات.
رابعًا: خيارات العلاج
يعتمد العلاج على السبب الكامن وشدة التشنج، والهدف الأساسي استعادة حركة الفك وتخفيف الألم. قد يوصى بمضادات الالتهاب غير الستيرويدية لتخفيف الألم والورم، ومرخيات للعضلات مثل الديازيبام لتهدئة التشنجات، ومضادات حيوية إذا كانت هناك عدوى بكتيرية أو كزاز. في بعض الحالات تُستخدم حقن بوتوكس موضعية لإرخاء العضلات بشكل مؤقت. يمكن الاعتماد على العلاج الحراري المنزلي بوضع كمّ دافئ على الفك لمدة 15 دقيقة عدة مرات يوميًا لرفع تدفق الدم وتخفيف التيبس. بعد ذلك يساهم العلاج الطبيعي والتأهيل في استعادة حركة الفم تدريجيًا من خلال تمارين لفتح وإغلاق الفم ببطء وتحريك الفك جانبيًا لتقوية العضلات وزيادة مرونتها. قد يوصي الطبيب بجَبائر أو واقيات للفك لتخفيف الضغط على المفصل وتدريب العضلات على الانفتاح التدريجي. وفي الحالات الشديدة أو المزمنة التي لا تستجيب للعلاجات المحافظة قد تُجرى عمليات جراحية لتصحيح وضع الفك أو إزالة النسيج الندبي أو إعادة بنائه بنقل أنسجة من مناطق أخرى في الجسم.
خامسًا: الوقاية — خطوات بسيطة لتجنّب المشكلة
على الرغم من صعوبة الوقاية الكلية، يمكن تقليل الخطر باتباع إرشادات بسيطة: الحرص على تلقي لقاح الكزاز وتحديثه كل عشر سنوات، وتجنب مضغ أطعمة قاسية بشكل مفرط، وممارسة تمارين بسيطة لفتح وإغلاق الفك بانتظام لتحسين مرونته، ومراجعة الطبيب عند الشعور بأي ألم مزمن في الفك أو وجود طقطقة أثناء الحركة، واستشارة الطبيب قبل تناول أدوية قد تسبب تيبسًا عضليًا.
سادسًا: المضاعفات المحتملة عند إهمال العلاج
إذا لم يتم علاج التشنج أو تأخر التقييم الطبي، قد تتطور مضاعفات مثل تليّف في المفصل الصدغي الفكي وبالتالي فقدان الحركة بشكل دائم، أو حدوث التهابات رئوية نتيجة صعوبة البلع بسبب التشنج، وفي حالات الكزاز الحاد قد ينشأ تشنج في الحنجرة أو انسداد مجرى التنفس، إضافة إلى ضعف عام في عضلات الوجه والفكين بسبب قلة الاستخدام. لذا يعتبر التدخل المبكر خطوة أساسية لمنع تفاقم الحالة.
