يُعد الكشف المبكر عن السرطان مفتاحًا لإنقاذ الأرواح، إلا أن كثيرين يتجاهلون أعراضًا قد تبدو بسيطة لكنها تخفي أمراض خطيرة، وحذر أخصائي الأورام الدكتور ميكائيل أ. سيكيريس من وجود علامات صامتة قد تشير إلى السرطان، مؤكداً ضرورة الانتباه لأي تغير مستمر أو غير طبيعي في الجسم وعدم الاستخفاف به.
أوضح الطبيب أن غالبية هذه الأعراض قد تكون ناتجة عن أسباب عادية مثل العدوى أو الإرهاق أو اضطرابات في الجهاز الهضمي، لكن استمرارها لفترة طويلة أو تزايد شدتها يستدعي مراجعة الطبيب وإجراء الفحوصات الضرورية، لأن التشخيص المبكر يضاعف فرص الشفاء.
تضخم الغدد الليمفاوية
تُعد الغدد الليمفاوية جزءًا من جهاز المناعة وتعمل كإنذار مبكر حين يحارب الجسم العدوى، لكن التورم المرتبط بالسرطان يختلف عن الالتهابات، فهو غالبًا غير مؤلم، وصلب، ويستمر في النمو.
تشير دراسة هولندية إلى أن نحو واحد بالمئة فقط من حالات تضخم الغدد الليمفاوية تكون مرتبطة بالسرطان، بينما تكون النسبة الأكبر من الالتهابات أو أمراض بسيطة. مع ذلك، إذا تخطت العقدة الليمفاوية أكثر من بوصة واحدة، أو استمرت لأكثر من أسبوعين، أو ظهرت زيادة سريعة في الحجم، فراجع الطبيب لإجراء خزعة وتحديد السبب.
تغيرات في عادات الأمعاء
يعتبر الجهاز الهضمي حساسًا لأي تغير صحي، وأي اضطراب في نشاط الأمعاء قد يكون مؤشرًا لمشكلة أعمق. أظهرت دراسة على مرضى سرطان القولون والمستقيم دون سن الخمسين أن أكثر من نصفهم لاحظوا تغيرات في العادات، مثل الإسهال المتكرر أو الإمساك المتكرر أو الشعور بعدم الإفراغ بشكل كامل. كما أبلغ نحو نصف عن نزيف شرجي، واشتكى نحو النصف من آلام مزمنة في البطن. وتؤكد النتائج أن ظهور عرضين أو أكثر من هذه الأعراض لمدة تزيد على شهرين يستدعي إجراء فحوصات متخصصة للكشف عن الأسباب المحتملة.
فقدان الوزن غير المبرر
قد يبدو فقدان الوزن دون اتباع حمية أمراً إيجابياً في الظاهر، لكنه غالباً ما يكون علامة خطيرة. أظهرت دراسة واسعة أن فقدان 10% من وزن الجسم دون سبب واضح يرفع احتمال الإصابة بالسرطان خلال السنة التالية بنحو 37%. قد تكون الأسباب المرتبطة بسرطانات المعدة أو البنكرياس أو الرئة أو القولون هي السبب، لذا أي انخفاض وزن غير مبرر يحتاج فحصاً طبياً شاملاً للوصول إلى السبب الحقيقي.
السعال المزمن والمستمر
ينبغي الانتباه إلى السعال الذي يستمر لأكثر من ثمانية أسابيع، خصوصاً إذا لم يكن مرتبطًا بنزلة برد أو حساسية، فالسعال المزمن قد يكون من أبرز العلامات المبكرة لسرطان الرئة. في دراسات شملت آلاف المرضى المصابين بالسرطان، كان السعال المستمر أحد الأعراض الأولى لدى نحو ثلث المرضى، كما أن استمرار السعال حتى بعد التعافي من نزلة أو استخدام علاج لفترة طويلة يستدعي مراجعة الطبيب، خاصة مع وجود ألم في الصدر أو خروج دم مع البلغم أو ضيق في التنفس.
أهمية الفحص المبكر
يؤكد الأطباء أن السرطان لا يبدأ فجأة، بل يرسل إشارات مبكرة يمكن ملاحظتها عند الانتباه لتغيرات الجسم. لذلك تظل الفحوصات الدورية ومراجعة الطبيب عند ظهور أعراض غريبة هي الوسيلة الأكثر فاعلية لاكتشاف المرض في مراحله الأولى، حيث تكون فرص الشفاء أعلى بكثير. تجاهل الأعراض أو الاعتماد على العلاج الذاتي أمر خطير، فالإدارة الذكية للصحة والوعي الصحي هما السلاح الأول لمواجهة السرطان وإنقاذ الأرواح قبل فوات الأوان.
