يُشير مايكل بيتراجليا عبر تغريدة في منصة إكس إلى أنه قبل نحو 12 ألف سنة، وعلى جرف مرتفع في صحراء حائل، كان فنان – أو ربما فنانون – يشتغلون بجهد.
لم يكن يصف مشهدًا أثريًا فحسب، بل كان يفتح نافذة على لحظة ولادة الفن الإنساني في قلب السعودية حائل. لم يكتف الإنسان هناك بالصيد والعيش، بل ارتقى إلى الرسم والنقش والتعبير، ليعلن أن الفن خرج من السعودية، من جبالها وواديها، إلى العالم. وتظهر الرسوم الصخرية التي حفظتها جدران جبة والشويمس أن السعودية كانت مهد الخيال البصري ومنطلق لغة الرسم التي تجاوزت الحدود الزمنية والقارات.
الفنون الصخرية في حائل
تمثل النقوش والرسومات الصخرية في حائل وثيقة حيّة تعود إلى أكثر من 12 ألف عام. تعرض مشاهد لصيد الإبل والخيول والغزلان، وصورًا للرقص والاحتفال، وأشكالًا هندسية تعبر عن وعي رمزي مبكر. هذه الرسوم تكشف أن الإنسان في حائل لم يكن مجرد كائن يسعى للبقاء، بل كان مبدعًا يسعى لتسجيل ذاكرته وتكوين رؤيته للعالم من حوله.
الفنانون الأوائل
إشارة بيتراجليا إلى فنان أو فنانون تفتح باب التأمل في أن الفنون الصخرية ممارسة جماعية؛ فقد اجتمع الناس حول الصخر كما يجتمعون حول المسرح أو المرسم اليوم، ليصنعوا فنًا جماعيًا جزءًا من ثقافتهم اليومية، ورسالة إلى الأجيال القادمة. هذه الأعمال تحمل في مضمونها أن الفن فعل اجتماعي وثقافي قبل أن يكون جماليًا.
من السعودية إلى العالم
هذه الشواهد الصخرية في حائل تثبت أن الفن والرسم خرجا من السعودية إلى العالم. ففي زمن لم تكن فيه أوروبا تعرف سوى بدايات فنون الكهوف، كان الإنسان في الجزيرة العربية يبدع لغة بصرية متكاملة. وهكذا تعيد أبحاث بيتراجليا رسم خارطة التاريخ الثقافي للبشرية، مؤكدة أن حائل كانت منطلقًا عالميًا للرسم ومصدرًا للإلهام عبر العصور.
المكان كمصدر الإبداع
مصدر الإبداع: الجبال والوديان في حائل اليوم تعد مسرحًا ملهمًا للفنانين الأوائل، والطبيعة هناك وفّرت للإنسان مادة الإبداع وروح التعبير، تمامًا كما تُلهم اليوم المعماريين في صياغة العمارة السعودية الجديدة التي تستلهم عناصرها من البيئة ذاتها.
ما قاله بيتراجليا ليس توصيفًا أثريًا بل إقرارًا علميًا بأن السعودية، وتحديدًا حائل، هي مهد الفن الإنساني، فمن على جدرانها الصخرية بدأت الحكاية، ومن ص الصخور خرجت الرسومات الأولى التي علّمت العالم أن الإنسان لا يكتفي بأن يعيش بل يبدع.
