يتناول هذا النص الخرف كمرض معقّد قد يظهر بطرق متعددة وليس مجرد ضعف في الذاكرة، فبعض أشكال الخرف قد تبدأ بأنماط سلوكية ولغوية غريبة قبل أن تفصح عن فقدان الذاكرة لاحقاً، وتكمن فائدة التعرف المبكر في فتح مسار علاجي وتقليل أثر المرض على المصابين وأسرهم.
الخرف الجبهي الصدغي
ينجم الخرف الجبهي الصدغي عن تراكم بروتينات ضارة في الفصين الأماميّ والصّدغيّ من الدماغ، مما يسبب تغيّرات في الشخصية والسلوك واللغة والتخطيط، وتسبق هذه الأعراض غالباً فترات طويلة من فقدان الذاكرة.
أهمية التشخيص المبكر
يؤكد البروفيسور جوناثان شوت من مؤسسة أبحاث الزهايمر في المملكة المتحدة أن الخرف ليس محصوراً بالذاكرة فهناك من يعانون من مشاكل في الرؤية أو السلوك رغم أن ذاكرتهم جيدة، وتبدأ التغيرات الدماغية المسببة للخرف سنوات طويلة قبل ظهور الأعراض.
ويفتح التشخيص المبكر باباً أمام مسارات علاجية جديدة، ويتوقع أن يُستخدم قريباً فحص دم متطور يُعرف باسم بلازما p-tau217 لاكتشاف بروتينات ترتبط بمرض الزهايمر، وهو ما قد يحدث ثورة في طرق التشخيص في المستقبل القريب.
علامات غير تقليدية للخرف
تشير علامات غير مألوفة إلى بداية الخرف منها تغير العادات الغذائية، فهناك ميل لتناول أطعمة جديدة أو النفور من المعتاد مع رغبة قوية في الحلويات، وتظهر هذه العلامة خاصة عند المصابين بالخرف الجبهي الصدغي.
كما يظهر امتلاك أحلام مكثفة أو عنيفة قد تكون مرتبطة بتدهور القدرات المعرفية.
وتظهر سلوكيات غير مألوفة مثل تناول الطعام من طبق الآخرين أو ارتداء ملابس لا تناسب الموقف.
يترافق فقدان التعاطف أو حس الدعابة مع علامات مبكرة للخرف الجبهي الصدغي.
وتشكو بعض الحالات من مشاكل في الرؤية كصعوبة في تحديد موقع الأشياء أو تقدير العمق، ما قد يؤدي إلى السقوط أو الاصطدام.
تظهر هلوسة بصرية خصوصاً لدى مصابي خرف أجسام ليوي، وتظهر غالباً كصور أو أشخاص صغار الحجم.
كما يعاني البعض من صعوبات في اللغة، مثل البحث عن الكلمات المناسبة أو فهم المعنى، وهو ما يُعرف بفقدان القدرة التدريجي على الكلام.
التفرقة بين النسيان العادي والخرف
يوضح الأطباء أن بعض هذه الأعراض قد تكون بسبب أسباب أخرى مثل قلة النوم أو الاكتئاب، لذلك يجب تقييم الحالة بدقة وعدم التسرع في الحكم، كما يساعد مقارنة التغيّرات مع أشخاص في العمر نفسه وملاحظات العائلة في كشف الفرق بين النسيان العادي والخرف.
متى يجب طلب المساعدة؟
عند ظهور هذه الأعراض أو ملاحظتها لدى أحد أفراد العائلة، ينصح بزيارة الطبيب لتقييم الحالة وتحديد مدى خطورتها.
يصيب الخرف في بريطانيا أكثر من 944 ألف شخص، ومن المتوقع أن يتجاوز العدد المليون بحلول عام 2030، وعلى الرغم من أن العلاج النهائي لا يزال بعيداً فإن الوعي بعلاماته المبكرة يمثل أملاً في إدارة المرض وتخفيف آثاره على المرضى وأسرهم.
