كشفت دراسة جديدة أن الأرق المزمن —المعرّف بصعوبة النوم ثلاث ليالٍ فأكثر أسبوعياً لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر— يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالخرف وضعف الإدراك الخفيف، حيث ارتفع الخطر بنسبة نحو 40%، بما يعادل تسارعاً في شيخوخة الدماغ بحوالي 3.5 سنوات.
تابع الباحثون صحة 2,750 من كبار السن على مدى أكثر من خمس سنوات، وكان المشاركون في بداية الدراسة يتمتعون بصحة إدراكية جيدة، وبلغت نسبة المصابين بالأرق المزمن في البداية 16%. ومن بين هؤلاء المصابين بالأرق المزمن تطورت حالة 14% إلى خرف أو ضعف إدراكي خفيف خلال فترة المتابعة.
أظهرت فحوصات الدماغ لدى المصابين بالأرق المزمن مستويات أعلى من فرط كثافة المادة البيضاء ووجود لويحات الأميلويد السامة المرتبطة بمرض الزهايمر، وهي مؤشرات تلفية في أنسجة المخ ترتبط بضعف دوران الدماغ وآثار مرضية شبيهة بتلك التي تُرى في الزهايمر.
ووجد الباحثون أن التأثير على الذاكرة ومهارات التفكير كان مماثلاً لدى الأشخاص الذين يحملون نسخة من جين APOE ε4 المرتبط بارتفاع خطر الزهايمر، وهو جين يوجد لدى نحو 15% من الأشخاص، حيث صاحب وجود هذا الجين تدهور أسرع في الوظائف الإدراكية.
قال الدكتور دييجو ز. كارفالو من مايو كلينك إن الفريق لاحظ تراجعاً أسرع في مهارات التفكير وتغيرات دماغية تُشير إلى أن الأرق المزمن قد يكون علامة تحذير مبكرة أو حتى عاملًا مساهماً في مشاكل إدراكية مستقبلية.
نوّه الباحثون بأن نتائجهم لا تثبت أن الأرق المزمن يسبب الخرف بالضرورة، وأن هناك عوامل أخرى متعددة مرتبطة بالخرف تشمل التغذية، واللياقة البدنية، وتعاطي الكحول والمخدرات، والعوامل الوراثية، والعمر، والتاريخ الطبي.
يرتبط الأرق المزمن أيضاً بزيادة خطر الاكتئاب والقلق ومرض السكري من النوع الثاني، كما أن قلة النوم شائعة لدى المصابين بمرض الزهايمر؛ وقد تسبب الزهايمر وحده عشرات آلاف الوفيات سنوياً، حيث سجّل العام الماضي أكثر من 119,000 حالة وفاة مرتبطة بهذا المرض.
يُذكر أن الأرق غالباً ما يرتبط بالتوتر، كما أنه أكثر شيوعاً بين النساء، ومن يعانون إدمان الكحول، وكبار السن.
يمكن علاج الأرق المزمن عبر تغييرات في نمط الحياة وعادات النوم، والرعاية الصحية النفسية، وتحسين النظافة النومية، ويشير الباحثون إلى أن علاج الأرق لا يهدف فقط لتحسين النوم بل قد يساعد أيضاً في حماية صحة الدماغ مع التقدّم في السن.



