يُعتبر شهر سبتمبر شهر التوعية بسرطان الأطفال، وهو أحد أخطر الأمراض التي تهدد حياة الصغار، لكن نسب الشفاء تحسنت بشكل كبير مع التقدم الطبي وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
أنواع وعلامات سرطانات الأطفال وأهمية الفحص المبكر
تُعد اللوكيميا (سرطان الدم) الأكثر شيوعًا بين الأطفال وتمثل نحو ثلث الحالات، ونسبة النجاة من النوع الأكثر شيوعًا (ALL) تتجاوز 85% حسب مؤسسات السرطان. تظهر الأعراض عادة على شكل شحوب، نزيف متكرر أو كدمات، التهابات متكررة وإرهاق شديد. يعتمد العلاج أساسًا على العلاج الكيميائي، وقد يتطلب زرع نخاع العظم أو علاجات موجهة في بعض الحالات.
تأتي أورام الدماغ والجهاز العصبي في المرتبة الثانية من حيث الانتشار بين الأطفال، وتختلف نسب الشفاء بحسب نوع الورم وقد تصل إلى حوالي 70% في بعض الأنواع. قد يظهر المرض بأعراض مثل صداع صباحي متكرر مع قيء دون سبب واضح، ومشكلات في النظر أو الحركة. يعالج هذا النوع بالجراحة متى أمكن، ويضاف إليها الإشعاع والعلاج الكيميائي حسب الحالة.
تشمل الأورام الليمفاوية نوعيّ هودجكن ولاهودجكن وتظهر غالبًا عند المراهقين، ونسب الشفاء في نوع هودجكن قد تتجاوز 90%. تظهر الأعراض كتضخم غير مؤلم في الغدد، فقدان وزن، تعرق ليلي وحمى متكررة. يُعتمد في العلاج على العلاج الكيميائي، وقد يُستخدم الإشعاع أو العلاج الموجه.
يظهر ورم ويلمز في الكلية غالبًا بين سنتين وخمس سنوات من العمر، وتُسجّل نسب نجاة تتجاوز 90% عند التشخيص المبكر. تظهر الأعراض على شكل كتلة أو تضخم في البطن وقد يلاحظ دم في البول. يتضمن العلاج جراحة لاستئصال الكلية المصابة مصحوبة بالعلاج الكيميائي، وأحيانًا بالإشعاع.
تزداد أورام العظام مثل أوستيوساركوما وإيوينغ ساركوما خلال فترة المراهقة، وتُعرَف بأعراضها من آلام عظمية مستمرة، تورم أو كسور بدون سبب واضح. يستند العلاج إلى بروتوكولات كيميائية متقدمة مع جراحة لاستئصال الورم، وقد تصل الحاجة أحيانًا إلى بتر في الحالات الشديدة.
تظهر أورام شبكية العين (رتينوبلاستوما) غالبًا قبل سن ثلاث سنوات، وتصل نسب الشفاء إلى أكثر من 95% في حال التشخيص المبكر. تظهر الأعراض كبقعة بيضاء في بؤبؤ العين تظهر في الصور، ميلان العينين أو ضعف في البصر. يجمع العلاج بين الكيماوي، العلاجات الموكبة مثل الليزر، وأحيانًا الجراحة.
أعراض تحذيرية لا يجب تجاهلها
إذا ظهر على الطفل فقدان وزن أو شهية بدون سبب، كدمات أو نزيف متكرر، حرارة مستمرة لا تستجيب للعلاج، تضخم غدد أو كتل تحت الجلد، صداع متكرر مصحوبًا بقيء صباحي، أو آلام عظمية مستمرة، فينبغي استشارة الطبيب فورًا للفحص المبكر.
العلاج ونسب الشفاء
تُشير منظمة الصحة العالمية إلى أن نسب النجاة من سرطان الأطفال قد تتجاوز 80% في الدول المتقدمة، وأن بعض الأنواع مثل اللوكيميا وورم ويلمز قد تصل فيها نسب الشفاء إلى 90% أو أكثر عند التشخيص المبكر واتباع بروتوكولات علاجية متخصصة.
أصول المرض وعوامل الخطر
تحدث معظم حالات سرطان الأطفال نتيجة تغيرات (طفرات) في الحمض النووي، وغالبًا تكون هذه الطفرات مكتسبة عشوائيًا أثناء انقسام الخلايا في مراحل مبكرة من الحياة أو حتى قبل الولادة، ولذلك لا توجد العديد من عوامل الخطر المعروفة التي يمكن التحكم بها. تكون الطفرات المكتسبة محصورة في خلايا الشخص ولا تنتقل بالضرورة إلى الأبناء.
تزيد بعض العوامل من احتمال الإصابة عند الأطفال، ومنها التعرض للإشعاع، التدخين السلبي، وجود متلازمات وراثية معينة، أو التعرض السابق للعلاج الإشعاعي لعلاج سرطانات سابقة.
ما الذي يمكن فعله لتقليل الخطر
يُفَضّل الامتناع عن التدخين أثناء الحمل وعدم التدخين بجوار الأطفال لتقليل خطر بعض أنواع السرطان، ومحاولة الحد من تعرّض الطفل للإشعاع غير الضروري. إذا كانت هناك طفرة جينية معروفة أو متلازمة عائلية لسرطان الأطفال، فقد يوصي الأطباء ببرامج فحص مبكر أو متكررة وبتدابير وقائية خاصة حسب نوع الطفرة.
يلعب الوالدان والطبيب دورًا مهمًا في دعم صحة الطفل عبر تبني نمط حياة صحي كنموذج يُحتذى به. يساهم الحفاظ على وزن صحي من خلال النشاط البدني المنتظم والنظام الغذائي المتوازن في تقليل مخاطر الإصابة لاحقًا.
النظام الغذائي والوقاية
يُنصح بالاعتماد على نظام غذائي غني بالخضراوات والفواكه المتنوعة، وبإضافة خضراوات داكنة وألوان متعددة وفصائل مثل الصليبيات، كما يُستحسن تضمين البقوليات كمصادر للبروتين والألياف والمعادن، والاعتماد على الحبوب الكاملة كالخبز والحبوب الكاملة والأرز البني والشوفان لزيادة الألياف والعناصر الغذائية. يجب الحد من تناول اللحوم الحمراء والابتعاد قدر الإمكان عن اللحوم المصنعة، والحد من المشروبات المحلاة بالسكر والأطعمة المصنعة والمكررة التي تزيد السعرات دون قيمة غذائية، مع التركيز على شرب الماء.
ترتبط زيادة الوزن أو السمنة بزيادة خطر الإصابة بأنواع متعددة من السرطان مثل سرطانات المريء والقولون والمستقيم وبطانة الرحم والكبد والكلى والثدي وغيرها، لذا يُنصح بممارسة النشاط البدني المنتظم واتباع نظام غذائي صحي للحفاظ على وزن مناسب والحد من المخاطر على المدى البعيد.
