يصعب في كثير من الأحيان قياس شدة الألم أو تحديده بدقة بسبب تفاوت أسبابه من شخص لآخر واختلاف قدرة كل فرد على التحمل، وفي هذا السياق نشر موقع CNN مقتطفات من كتاب “لا داعي للألم” للدكتور سانجاي جوبتا الذي يناقش تعقيدات الألم وعلاقته بالدماغ واستراتيجيات مكافحته التي قد لا تخطر على البال.
المسكنات الطبيعية في جسمك
تنتج أجسامنا مواد أفيونية داخلية تُسمى الإندورفينات، وهي نوع من الجزيئات البروتينية التي تعمل كمسكنات طبيعية وتؤثر أيضاً على المزاج وإدراك الألم، ويفسر ذلك سبب استلهام مطوري الأدوية من نظام الأفيونات الداخلي عند البحث عن علاجات آمنة لتخفيف الألم.
ترتبط المواد الأفيونية الداخلية والخارجية بمستقبلات الأفيون على غشاء الخلايا العصبية في الدماغ والحبل الشوكي وأعضاء أخرى، وهذه الارتباطات تثير تغيرات كيميائية تؤدي إلى الشعور بالمتعة وتسكين الألم، كما توجد هذه المستقبلات في دائرة المكافأة الدماغية التي تُستخدم الناقل العصبي الدوبامين فيها لوصف تجارب المتعة، أما الإندورفينات فتميزها آليات تطورية دقيقة تتحكم في تفعيلها واستقلابها ومقاديرها لتقليل الآثار الجانبية المرتبطة بالأدوية الأفيونية الخارجية مثل الإمساك وضبابية التفكير وتباطؤ التنفس والغثيان والتحمل والاعتماد.
عند التعرض لضغط شديد تعمل استجابة “القتال أو الهروب” على تحفيز النظام الأفيوني الداخلي بشكل قوي ما يقلل الألم مؤقتًا، ويعود الألم عندما تخف هذه الاستجابة، وفي بعض الحالات يؤدي ذلك إلى عدم شعور المصاب بالإصابة فور حدوثها؛ كما أن عوامل نفسية وعصبية وفسيولوجية متنوعة يمكنها تفعيل هذا النظام لتخفيف الألم، وتقليل الانزعاج العاطفي المرتبط به، وتهدئة الجهاز العصبي، وتعزيز القدرة على مواجهة التوتر.
تنشيط المسكنات الداخلية داخل جسمك
تحسّن الحركة والتمارين الخفيفة تدفق الدم وتوزيع المواد العلاجية إلى المنطقة المصابة، فهي تنشط العضلات والأوتار والأربطة والغضاريف وأنسجة أخرى، بينما يعيق الركود الشفاء ويُطيل استمرار الألم.
ينبغي أن تبدأ التمارين بلطف بمجرد السماح بتخفيف الألم، وفي حالات إصابات العضلات تتضمن حركات هادئة لاستعادة الوظيفة والمرونة تدريجيًا، أما الأنسجة الرخوة المكدومة أو المتورمة الناتجة عن الجراحة أو الصدمة فيستفيد فيها المريض من تحسين الدورة الدموية عبر تمرين خفيف ومدروس.
ينصح باستخدام المسكنات بعناية عند الحاجة، مع مراعاة البدائل الطبيعية مثل الكركم أو مركبات الكابسيسين بدلًا من بعض مضادات الالتهاب التي قد تعيق الشفاء، كما يمكن اللجوء إلى التخدير الموضعي ولصقات المسكن أو التحفيز العصبي الخفيف عبر الجلد بواسطة أجهزة مثل TENS لترقيق الألم دون آثار جانبية نظامية كبيرة.
قد تشمل العلاجات المساندة العلاج الطبيعي والتدليك والوخز بالإبر أو “الإبر الجافة” وتقنيات تحرير اللفافة العضلية وتحريك المفاصل لاستعادة نطاق الحركة، إضافةً إلى استخدام الثلج والحرارة حسب نوع الإصابة ومرحلتها.
العلاج بالحرارة والبرودة
يفضل استخدام العلاج بالبرودة للألم قصير المدى، ويُطبق عادة خلال أول اثنتين وسبعين ساعة لتقليل التورم إذ تبطئ البرودة تدفق الدم وتخفف الألم الناتج عن الالتواءات والشد العضلي والإصابات الحادة، مع ضرورة الحذر لأن البرودة قد تقلل الالتهاب اللازم للشفاء وتبطئ عملية التعافي وتزيد من احتمالية تطور ألم مزمن إذا أسيء استعمالها.
تُعد الحرارة الخيار الأفضل لآلام العضلات المزمنة والتصلب ولتخفيف آلام المفاصل المزمنة لأنها تعزز تدفق الدم وتساعد على استرخاء العضلات، ويُنصح باستخدام حرارة منخفضة لمدة أطول مثل الضمادات الحرارية قبل التمرين أو التمدد أو لتخفيف تيبس الصباح، مع الالتزام بتعليمات المنتج.
لا تُفرط في استخدام الكمادات الساخنة أو الباردة، ولف الكمادة بمنشفة رقيقة لحماية الجلد، وضعها لمدة لا تزيد عن عشر إلى عشرين دقيقة مع فترات راحة بين الاستخدامات للسماح للجلد والأنسجة بالتعافي، وتوقف فورًا إذا تفاقم الألم أو ظهر تهيج أو تغير في لون الجلد.
