بداية جديدة أم إعادة ضبط للذات؟
يبدأ العام الجديد بفهم أن البداية ليست فورية بل إعادة ضبط ذهنية هادئة تعيد العقل إلى توازنه تدريجيًا خلال الأسبوع الأول.
وتوضح بافيا شاه، الاستشارية النفسية في مستشفى سيفي الهندي، أن الأسبوع الأول من العام لا يعني تغييرا جذرياً؛ فحين نُقلّب صفحات التقويم في الأول من يناير، يظل عقلنا غير مقيد بمواعيد نهائية محددة وتبقى الأيام الأولى انتقالاً نفسيًا أكثر مما هي إعادة ضبط تلقائية.
يظل الثقل العاطفي للعام موجوداً، فالمهام النهائية في العمل، والالتزامات الاجتماعية، والضغوط المالية، وروابط العائلة غالباً ما تعود إلى العام الجديد وتترك خلفها حلقات عاطفية غير محلولة تحتاج إلى تأمل وتقييم الهوية.
تشير هذه الظاهرة إلى أن الطاقة المرتبطة ببداية جديدة تفيد عندما تكون مبنية على الواقع وليس على الضغوط، وعندما يعود النشاط إلى أماكن العمل وتستأنف الروتين اليومي، تزداد التوقعات بهدوء وتملأ وسائل التواصل الاجتماعي مخططاتها للأهداف وقصص التحول، وهو ما يضيف عبئاً نفسياً إضافياً على الفرد.
لا تعتبر القرارات الصارمة ضرورة؛ فبناء العادات المستدامة يعتمد على الاستمرارية والتخطيط والرحمة بالنفس، فالدماغ يستجيب للضغط بشكل سلبي، بينما يتفاعل بإيجابية مع الصبر والروتين، لذلك ينبغي أن تكون الأسبوع الأول وقفة استراحة للعودة إلى الروتين والاستماع إلى المؤشرات العاطفية وتحديد نوايا التغيير بدل القرارات القاسية.
تقبل النفس ضروري؛ فالكثيرون يدخلون العام الجديد بقناعة أنهم يجب أن يصبحوا نسخة أفضل من أنفسهم. النمو الصحي مقبول، لكن يجب ألا تُهمل الذات الحالية أو تُمحى؛ فالتفاوض مع الهوية يضمن أن يكون التغيير متوازناً ومفهوماً.
ثم تبرز فكرة أن إعادة الضبط النفسي ليست حدثا ينتهي عند منتصف ليل الأول من يناير، بل هي مسار يتطلب وعيًا ووقتًا للانفصال عن العام السابق ومراجعة أنماط الإرهاق والاحتياجات الشخصية، وهو وقت للوعي لا للتنفيذ الفوري.
وبهذه العناية بالهوية وبالواقع، يقل القلق والشعور بالتأخر حين نتعامل مع هذا الانتقال كفرصة لإعادة توجيه الذات بشيء من التواضع والاتزان، وليس كضغط لنجاح فوري في أول أسبوع من العام الجديد.



