أثارت واقعة الهروب من مصحة غير مرخصة لعلاج الإدمان في منطقة المريوطية جدلاً واسعاً، مع اتهامات للمصحة بسوء المعاملة والاحتجاز غير المشروع.
قال الدكتور محمد فوزي، أستاذ الطب النفسي بجامعة أسيوط، إن خطورة هذه الوقائع لا تكمن في الهروب فقط بل تكشِف عادةً عن مخاطر تشخيص وعلاج خارج المعايير، بلا وجود طبيب وبروتوكول وباحتمال الاحتجاز القهري أو العنف البدني والنفسي الذي يرفع احتمال الانفجار السلوكي، وأكد أن علاج الإدمان في مصحات بير السلم غير المرخصة يعد خطرًا طبيًا، فالإدمان ليس حبسًا فقط بل اضطراب طبي ونفسي يحتاج فريقًا ومعايير سلامة.
تشير مخاطر الطرق البدائية إلى أن إزالة السموم من الجسم بشكل بدائي تثير أعراض انسحاب حادة كالهياج والتعرق والقيء والجفاف، وقد تتطور إلى مضاعفات مهددة للحياة إذا غاب الإشراف الطبي، خصوصًا مع بعض المواد، كما يصاحب المدمن اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب الشديد والقلق والهلاوس والميول الانتحارية، وقد يُدار الأمر بالعنف أو بالتخدير غير المنضبط والتقييد والعقاب بدلاً من العلاج، ما يزيد الصدمة والعدائية ويضاعف احتمالات الانتكاس بعد الخروج.
يؤكد أستاذ الطب النفسي أن لجوء بعض الأسر إلى المصحات غير المرخصة وغير الآمنة مع وجود بدائل يعود إلى وصمة العار والخوف من الفضيحة، فالبعض يبحث عن مكان غير معروف كخيار سريع ظانين أنه الحل السريع، وهو في الواقع وهم.
كما يحذر من مخاطر هروب المرضى على الناس في الشارع، حيث قد يؤدي الفرار المفاجئ إلى هياج انسحابي وقلق شديد وربما دفع لسلوك اندفاعي مثل الجري العشوائي واشتباك وتكسير والبحث عن المخدرات، وهو ما يزيد من سوء التطورات ويثير الذعر بين الناس.
كيف تكتشف الأسرة بسرعة أنها أمام مصحة بير سلم؟ يقدم الطبيب النفسي عدداً من العلامات الإنذار، منها وجود ترخيص غير واضح معلق ويمكن تصويره أو التحقق منه، وعدم وجود طبيب نفسي أو طبيب باطنة أو طوارئ حاضر أو مستدعى، ووجود منع للزيارات مع القول بأن المريض ممنوع يرى أهله أول شهر، وكلامهم يركز على الحبس والتأديب لا على خطة علاج تشمل تقييمًا وعلاجًا دوائيًا، واستخدام التقييد والضرب والتجويع كوسيلة للعلاج، وعدم وجود ملفات طبية ولا موافقات مستنيرة أو خطة طوارئ، إضافة إلى وعود بشفاء مضمون أو أسبوع ديتوكس ثم انتهاء الأمر.
علاج الإدمان المجاني متاح في جميع المحافظات، حيث أكّد حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والسكان، أن المنشأة غير مرخصة وتخالف القوانين المنظمة للعمل الطبي، وأن الدولة توفر العلاج المجاني للإدمان من خلال 284 منشأة مرخصة بين حكومية وخاصة في المحافظات، وتدار عبر أمانة الصحة النفسية أو صندوق مكافحة وعلاج الإدمان.
وأوضحت الحكومة أن الوصمة المجتمعية هي أحد أسباب اللجوء إلى المصحات غير المرخصة، مع التأكيد على أن هذه المخاوف غير صحيحة، وأن القانون رقم 71 لسنة 2009 يحفظ سرية بيانات مرضى الإدمان بشكل كامل ويحذر من استغلالها لفتح مقرات علاج غير قانونية تعرض حياة المرضى للخطر.
