الحكم على طبيب فرنسي بتسميم المرضى
أدين فريدريك بيشييه، البالغ من العمر 53 عامًا، يوم الجمعة في نهاية محاكمة استمرت أربعة أشهر بمدينة بيزانسون الشرقية في فرنسا.
وهو أحد أبرز قضايا الإهمال الطبي في فرنسا، حيث تبين أنه أضاف مواد كيميائية مثل كلوريد البوتاسيوم أو الأدرينالين إلى أكياس المحاليل الطبية للمرضى، ما تسبب بتوقف القلب أو نزيف أحيانًا، ما استدعى تدخلاً طارئاً في غرف العمليات.
وغالباً ما كان بيشييه يتظاهر بأنه منقذ المريض وليس الفاعل، وهو الذي كان يحضر إلى العيادة قبل العمليات ويتلاعب بأكياس المحلول الوريدي.
نجا أصغر ضحاياه، وهو طفل يبلغ من العمر أربع سنوات، من سكتتين قلبيتين أثناء عملية جراحية روتينية لاستئصال اللوزتين، أما أكبر ضحاياه فكان عمره 89 عامًا، وتوفي في بعض الحالات عندما فشل التدخل الطبي.
وأعلنت النيابة أن بيشييه قد تسمم ما يصل إلى ثلاثين مريضًا عمدًا خلال جراحاتهم، وتوفي 12 منهم، وهو ما يجعل هذه القضية من أكبر قضايا الإهمال الطبي في فرنسا.
وذكرت النيابة أن الدافع وراء الجرائم كان وجود ضغينة لدى الطبيب تجاه زملائه وأنه كان يحضر مبكرًا لتلاعب بأكياس المحاليل الوريدية، لكنها لم تُثبت كونه الفاعل في جميع الحالات بشكل قاطع.
وتم اكتشاف الجرائم للمرة الأولى في عام 2017 حين عُثر على كميات زائدة من كلوريد البوتاسيوم في كيس محلول وريدي لدى امرأة أصيبت بنوبة قلبية أثناء جراحة في الظهر، فبدأ المحققون في البحث عن نمط “الأحداث الضارة الخطيرة” في عيادة سانت فنسنت في بيزانسون، حيث كان معدل النوبات القلبية أثناء التخدير أعلى بكثير من المتوسط الوطني.
تبين أن تلك الأحداث توقفت عندما ابتعد عن العيادة لفترة ليعمل في عيادة أخرى، ثم عادت عند عودته، وتوقفت نهائياً عندما مُنِع من مزاولة المهنة عام 2017.
وذكرت الشاهدة ساندرا سيمارد، أول ضحية معروفة لبيشييه والتي تبلغ من العمر 36 عامًا، أنها تعرضت لسكتة قلبية أثناء جراحة في العمود الفقري ونجت بفضل تدخل بيشييه، رغم دخولها في غيبوبة، حيث أظهرت الفحوص تركيز بوتاسيوم في أكياس المحاليل يفوق المتوقع بنحو 100 مرة.
وخلال الفترة التي امتدت 15 أسبوعاً من المحاكمة، اعترف بيشييه أحياناً بأن بعض المرضى الذين مرضوا أو ماتوا ربما تعرضوا للتسمم لكنه نفى ارتكاب أي مخالفة، قائلاً: “أنا لست سمّامًا… لقد التزمت دائمًا بقَسَم أبقراط”.
وسيُقضي بيشييه الآن ما لا يقل عن 22 عامًا في السجن، بعد أن كان طليقًا طوال المحاكمة، ولديه عشرة أيام لتقديم استئناف قد يستلزم محاكمة ثانية خلال عام.
ووفقاً للادعاء، قال زملاؤه إنه بدا وكأنه يملك الحل في كل مرة، وأنه صنع لنفسه صورة المنقذ ليلجأ إليه زملاؤه بشكل غريزي، في حين دافع محاموه عن بطلان وجود دليل قاطع يربطه بالجرائم، وواجهت شهاداته تضارباً في الروايات، وفي نهاية المطاف اعترف بوجود شخص قد سمّم المرضى في العيادة لكنه نفى كونه الفاعل.
وصف الطبيب نفسه كأب لثلاثة أطفال، ونُقل عنه أنه يعاني من تقلبات في الشخصية وتوصلت المحكمة إلى أنه قد حاول الانتحار في أعوام 2014 و2021، وتؤكد المصادر وجود صراع داخلي بين احترامه كطبيب وتورطه في أذى واسع.



