الحكم وتفاصيل القضية
أصدرت محكمة في بيزانسون حكما بالسجن مدى الحياة على الطبيب الفرنسي فريدريك بيشييه، البالغ من العمر 53 عامًا، بتهمة تسميم المرضى عمدًا أثناء جراحاتهم.
وترتبط هذه القضية بأنها من أكبر قضايا الإهمال الطبي في فرنسا، حيث ثبت أن بيشييه أضاف مواد كيميائية إلى أكياس المحاليل الطبية للمرضى، مثل كلوريد البوتاسيوم أو الأدرينالين، وهو ما أدى إلى توقف القلب أو حدوث نزيف في حالات متعددة.
ووفقًا لملخص المحاكمة التي استمرت أربعة أشهر في مدينة بيزانسون الشرقية، كان بيشييه غالبًا من يقدم هذه الخدمة أثناء الجراحة، وكان يظن كثيرون من زملائه أنه المنقذ بينما كان يقدّم على ما يبدو أدواراً تدفعه لإظهار نفسه بأولية في هذه العيادة.
وجد المحققون نمطًا من ما وصف بأنه “أحداث ضارة خطيرة” في عيادة سانت فنسنت الخاصة في بيزانسون، حيث بلغ معدل النوبات القلبية خلال الجراحة ضعف المعدل الوطني، وارتفع بشكل كبير عن المتوسط؛ وتوقفت هذه الأحداث عندما غاب عن العمل لفترة ثم عادت عندما عاد للعمل في العيادة نفسها، وتوقفت تمامًا عندما منع من مزاولة المهنة في 2017.
كان من بين ضحاياه أطفال وكبار، إذ بلغت قائمة المصابين ما يقارب ثلاثين مريضاً، توفي منهم اثنا عشر رجلًا وامرأة. ونُسبت أولى الضحايا إلى ساندرا سيمارد، وهي امرأة تبلغ من العمر 36 عامًا عانت نوبة قلبية مفاجئة أثناء عملية جراحية في العمود الفقري، ونجت بفضل تدخل بيشييه، وذلك رغم دخولها في غيبوبة. أظهرت فحوصات أكياس المحلول الوريدي التي أُجريَت لها تركيزات بوتاسيوم تفوق الدواء المطلوب بنحو مئة مرة.
وذكر المدّعون أن بيشييه عمل وفق دوافع شخصية ومعاداة تجاه زملائه الأطباء، إذ كان يحضر مبكرًا إلى العيادة ليعبث بأكياس المحاليل الوريدية، ولكن عندما تسوء الأمور كان يتدخل غالباً كمنقذ ظاهرياً. وفي فترة المحاكمة، التي امتدت إلى خمسة عشر أسبوعاً، اعترف بيشييه أحياناً بأن بعض المرضى الذين ساءت حالتهم أو ماتوا قد يتعرضون لتسميم، لكنه نفى ارتكاب أي مخالفة صريحة، قائلاً: «لقد قلتها من قبل وسأقولها مرة أخرى: أنا لست سمّامًا… لقد التزمت دائمًا بقسم أبقراط».
سيفضي الحكم الآن إلى قضاء بيشييه ما لا يقل عن 22 عامًا في السجن، بعد أن أمضى فترة المحاكمة طليقًا، وهو أمامه عشرة أيام لتقديم استئناف، ما قد يؤدي إلى محاكمة ثانية خلال نحو عام. وقال المدّعون إن زملاءه قالوا إنه كان يبدو كمن يملك الحل دائمًا، وهو ما جعله يبدو بمظهر المنقذ وأنه ينسج حول نفسه شخصية تحتاجها الزملاء بشكل غريزي.
نفى بيشييه التهم الموجهة إليه، وجادل محاموه بأن لا دليل قاطع يربطه بتلك الجرائم، وإن الشهادات تضاربت خلال المحاكمة. وفي نهاية المطاف اعترف بوجود شخص آخر قام بتسميم المرضى في العيادة، لكنه نفى أن يكون هو الفاعل. ووصفه طبيب نفسي تابع للمحكمة بأنه يمتلك شخصية مزدوجة، فهناك جانب يحترم، وآخر قادر على إلحاق أذى جسيم، وربما كان قد حاول الانتحار في أعوام 2014 و2021.
تم توثيق تاريخ القضية ضمن تحقيق بدأ قبل ثماني سنوات، عندما شُبِّه بتسميم المرضى في عيادتين في بيزانسون بين عامي 2008 و2017. وبدأ الإنذار في 2017 عندما وُجدت كمية زائدة من كلوريد البوتاسيوم في كيس محلول وريدي لمريضة أصيبت بنوبة قلبية أثناء إجراء لاإجراء مشكلة في الظهر، ليظهر نمط من «الأحداث الضارة الخطيرة» في عيادة سانت فنسنت. علمًا بأن أقساماً أخرى شهدت ارتفاعًا في الحالات حين كان بيشييه يعمل بها، وعندما أُوقف عن مزاولة المهنة توقفت الظاهرة.



