تؤكد دراسة جديدة أنه بالرغم من التقدم الكبير في برامج التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري، تظل هناك حاجة لجهود إضافية، فالتطعيم يشمل الأولاد بجانب البنات يمكن أن ينقذ آلاف الأرواح ليس فقط من سرطان عنق الرحم بل من سرطانات HPV الأخرى المرتبطة بالفيروس.
لماذا يُعد تطعيم الذكور ضد HPV أمرًا بالغ الأهمية
فيروس الورم الحليمي البشري أحد أكثر الفيروسات المنقولة جنسيًا شيوعًا، ويمكن أن ينتقل عبر ملامسة الجلد أو السوائل. وهو السبب الرئيسي لمعظم حالات سرطان عنق الرحم، كما يرتبط بسلسلة من السرطانات لدى الرجال والنساء، منها سرطان الشرج والفم والرأس والرقبة. ورغم ذلك، تتركز سياسات الصحة العامة في كثير من الدول على تطعيم الفتيات فقط، ما يخلق فجوة بين الجنسين في الوصول إلى اللقاح.
نموذج رياضي يكشف فجوة في مناعة القطيع
اعتمد فريق البحث نموذجًا رياضيًا متطورًا تمت معايرته ببيانات واقعية عن معدلات الإصابة بالسرطان، وأظهرت النتائج أن التغطية المخصصة للفتيات فقط ليست كافية لتحقيق مناعة القطيع ضد السلالات المسببة للسرطان من HPV. يقول أبا جوميل، عالم الرياضيات والمؤلف الرئيسي للدراسة: “تطعيم الأولاد يقلل من الضغط الناتج عن ضرورة تطعيم نسبة كبيرة جدًا من الإناث، ويجعل القضاء على المرض هدفًا واقعيًا وقابلًا للتحقيق”. وفق المحاكاة، فإن توسيع البرنامج ليشمل الذكور قد يؤدي إلى القضاء على السرطانات المرتبطة بفيروس HPV خلال نحو 70 عامًا.
ووفقًا للمحاكاة، يمكن القضاء على سرطان عنق الرحم إذا تم تطعيم 80% من الذكور، وهذا يؤكد أن إشراك الأولاد في التطعيم يعزز مرونة الأنظمة الصحية ويزيد فرص القضاء على المرض.
حتى مع انخفاض تطعيم الفتيات.. الأمل قائم
تشير النماذج إلى أنه حتى إذا انخفضت تغطية تطعيم الفتيات، لا يزال الأمل قائمًا في القضاء على سرطان عنق الرحم إذا تم تعزيز التطعيم للذكور وتوسيعه ضمن الفئة العمرية المناسبة. وتؤكد النتائج أن إشراك الأولاد في برامج التطعيم يخفف الضغط على برامج الصحة ويحسن فاعليتها الشاملة.
ارتفاع مقلق في سرطانات HPV بين الذكور
خلال العقدين الماضيين، تضاعفت حالات السرطان المرتبطة بفيروس HPV بين الرجال في كوريا الجنوبية ثلاث مرات، وهو دليل على مخاطر صحية متزايدة لا تقف عند النساء فقط. وتظهر النماذج أن تطعيم الذكور يمكن أن يقلل من الحالات التراكمية لسرطان عنق الرحم لدى النساء، ويخفض الوفيات الناتجة عن سرطان عنق الرحم، كما يقلل من سرطانات HPV بين الرجال بحلول عام 2080.
من يجب أن يحصل على اللقاح؟
يوصي الباحثون بتطعيم الأولاد من عمر 12 إلى 17 عامًا بجانب الفتيات في نفس الفئة العمرية، وكذلك النساء الأكبر سنًا اللاتي فاتتهن فرصة التطعيم. وتظهر أدلة حديثة أن التطعيم في سن مبكرة يوفر حماية جزئية فعالة ضد الفيروس، مع استمرار الفوائد حتى عند التطعيم في سن أكبر.
هل يمكن القضاء على سرطان عنق الرحم عالميًا؟
بحسب تقديرات علمية، إذا تم توسيع نطاق التطعيم ضد HPV وتحسين برامج فحص عنق الرحم، فمن الممكن القضاء على سرطان عنق الرحم في 149 دولة من أصل 181 دولة بحلول نهاية القرن الحالي. ويرى الباحثون أن رفع معدلات تطعيم الذكور قد يكون المفتاح الحقيقي لتحقيق هذا الهدف.
ويختتم أبا جوميل قائلاً: “لا يجب أن نفقد أكثر من 350 ألف شخص حول العالم سنويًا بسبب سرطان يمكن الوقاية منه.. تحسين تغطية التطعيم قد يضع نهاية لفيروس HPV والسرطانات المرتبطة به”.



