تشير دراسة حديثة إلى أن استهلاك المياه في مراكز البيانات التي تشغّل تطبيقات الذكاء الاصطناعي قد يفوق استهلاك المياه المعبأة عالميًا، مع وجود افتراضات قد تحتاج إلى مراجعة بسبب صعوبة تفصيل حجم أحمال العمل بين الذكاء الاصطناعي وغيره في تقارير الشركات.
تبرز الدراسة التي تحمل عنوان “البصمة الكربونية والمائية لمراكز البيانات وتأثيرها المحتمل على الذكاء الاصطناعي” جهود فريق بقيادة الأكاديمي الهولندي أليكس دي فريس-غاو في تقدير الأثر البيئي لأنظمة الذكاء الاصطناعي، مع تفاوت في أرقام دقيقة نتيجة لعدم تمييز الشركات بين أنواع أحمال العمل.
اعتمد البحث على بيانات عامة للانبعاثات واستهلاك المياه وتقارير بيئية لمراكز البيانات صادرة عن شركات كبرى مثل جوجل وميتا وأمازون وغيرها، بهدف تقدير القوة اللازمة لتشغيل الذكاء الاصطناعي وتوفير نطاقات للانبعاثات واستهلاك المياه المرتبطين به.
وتشير النتائج إلى أن البصمة الكربونية لأنظمة الذكاء الاصطناعي وحدها قد تتراوح بين 32.6 و79.7 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في 2025، وهو رقم يعادل تقريبيًا انبعاثات مدينة كبيرة في ذلك العام، وهو ما يبرز أهمية الموضوع من جهة الاستدامة المناخية.
أما البصمة المائية لأحمال العمل التي تشغّلها مراكز البيانات فتتراوح بين 312.5 و764.6 مليار لتر من المياه، وهو مقدار يتجاوز وفق تقديرات عالمية استهلاك المياه المعبأة على مستوى العالم في سنة واحدة، مما يجعل الذكاء الاصطناعي موضوعًا حيويًا للأمن المائي أيضًا.
ووفقًا للدراسة، فإن المحرك الرئيسي للأثر البيئي ليس تدريب النماذج وحده، وإنما عمليات الاستدلال والإجابة على طلبات المستخدمين، التي تحتاج إلى قدر كبير من الحسابات وتولد انبعاثات إضافية وتستهلك كميات كبيرة من المياه بسبب التشغيل المستمر.
وتشير النتائج إلى أن ارتفاع الطلب على الذكاء الاصطناعي يفوق ما تحققه جهود تحسين كفاءة الطاقة في مراكز البيانات، ما يجعل التطور التكنولوجي يؤدي عادةً إلى زيادة الاستخدام بدلاً من تقليل الأثر، ما يستدعي إعادة نظر في سياسات الرقابة البيئية وتنظيمها.
وتخلص الدراسة إلى نقطتين أساسيتين: أولاً أن الحاجة الكبيرة لبنى تحتية كثيفة الطاقة تتطلب ألا يُعامل الذكاء الاصطناعي كبرنامج فحسب، بل كقطاع يحتاج إلى رقابة بيئية وتنظيمية مشابهة لصناعات الاتصالات والطيران والصناعات الثقيلة؛ وثانيًا أن الاستدلال والحسابات اللازمة لتوفير الإجابات للمستخدمين تتطلب بنية تحتية كبيرة وتؤثر كليًا في قيود الاستهلاك.



