تجويع السرطان عبر تغييرات غذائية: آفاق وآبعاد
تشير تقارير إلى أن تغييرات بسيطة في النظام الغذائي قد تساعد في مكافحة بعض أنواع السرطان، وتبرز أن أساليب جديدة قد تقوّض الورم عبر تقليل مصادر غذائية محددة وتدميرها.
يختبر العلماء فكرة استبعاد مركبين طبيعيين موجودين في الأطعمة اليومية مثل اللحوم ومنتجات الألبان من النظام الغذائي كنهج لعلاج بعض أنواع السرطان الأكثر صعوبة، مع حذر من مخاطر التطبيق لدى فئات عمرية معينة.
أوضح فريق في مستشفى جامعة زيورخ للأطفال أن فئراناً مصابة بورم أرومي عصبي حصلت على غذاء خاص خالٍ من الأرجينين والبرولين، فلاحظت الخلايا الورمية تحويل هذه الأحماض إلى بولي أمينات تدعم نموها.
أضافت الدراسة أن الجمع بين النظام الغذائي الخال من الأرجينين والبرولين ودواء DFMO، الذي يثبط إنتاج البولـيامينات، أدى إلى تقلّص الأورام وزيادة معدلات البقاء على قيد الحياة مقارنة بالعلاج وحده.
أوضح الدكتور مورشر أن إزالة الأرجينين والبرولين تستنزف الموارد اللازمة لإنتاج البولـيامينات في الخلايا السرطانية، وأن الدمج مع العلاج المعتمد يعزز التأثير العلاجي، وهو ما يعزز فكرة استغلال نقطة ضعف في عملية استقلاب السرطان.
يبحث العلماء أيضاً في إمكانية تطبيق هذا النهج على البشر عبر أدوية تزيل الأرجينين والبرولين من الدم كبديل للحد من تغذية الأورام، مع التخطيط لأول تجربة سريرية في المستقبل القريب، مع تحذير من مخاطر على الأطفال عند اتباع أنظمة غذائية قاسية.
أثبتت التقنية نفسها في البالغين عبر حرمان الخلايا السرطانية من الأحماض الأمينية الأساسية، حيث يؤدي تقليل الأرجينين في الدم إلى إجهاد إنزيم بيجارجيميناز وتضعيف الخلايا السرطانية، وتزداد النتائج عندما يُضاف العلاج الكيميائي.
ذكر الباحثون أن في بعض الأورام، مثل ورم الظهارة المتوسطة وبعض سرطانات الدماغ، يفقد جين ASS1 ما يجعل الخلايا تعتمد على الأرجينين من الدم؛ وهذا يجعلها عرضة للتجويع عبر استنزاف الأرجينين، مع التنبيه إلى أن النتائج ليست قابلة للتعميم عبر النظام الغذائي وحده دائماً.
أظهرت نتائج بحث Nature Metabolism من عام 2023 أن حذف الحمض الأميني الميثيونين من النظام الغذائي يزيد فعالية العلاج الكيميائي في فئران سرطان الأمعاء والثدي، وتُجرى حالياً تجارب سريرية بشريّة لاختبار سلامة هذا النهج مع العلاجات القياسية.
وتشير دراسة Nature من عام 2018 إلى أن خفض مستوى الأسباراجين من الدم، سواء عبر النظام الغذائي أو باستخدام دواء الأسباراجيناز، يقلل من انتشار سرطان الثدي في نماذج فئران، لكن لا يمكن تعميم النتائج تماماً على البشر دون حذر.
وحذر خبراء من أن الأنظمة الغذائية المقيدة قد تكون خطرة، إذ لا توجد إلى الآن أدلة قوية تدعم أن النظام الغذائي وحده يعالج السرطان، كما أن تقليل البروتين قد يضر ببناء العضلات ودعم المناعة خلال العلاجات الصعبة.
وأكد باحثون أن أي نظام غذائي يفتقر للأحماض الأمينية يجب أن يُخطّط بعناية لتجنب سوء التغذية، خاصة عند الأطفال، بينما يبقى بعض العلماء واثقين بأن تعديل العادات الغذائية قد يمثل نهجاً ثورياً في علاج بعض أنواع السرطان، ويبقى الأمر قيد الدراسة والتقييم.



