يعتبر الغثيان المستمر ليس مجرد انزعاج عابر بعد تناول وجبة ثقيلة، بل عرضاً معقداً قد يشير إلى خلل في أحد أجهزة الجسم الحيوية. تتداخل الإشارات بين المعدة والعقل والهرمونات وتؤثر في الإحساس بالغثيان وتثير أسئلة عن الحالة الداخلية للجسد.
يظهر أن السبب قد يكون تفاعلًا مؤقتًا مع الطعام أو عدوى، كما يمكن أن يكون علامة على مشكلة أعمق تحتاج تشخيصاً دقيقاً. تصنّف الأسباب إلى حادّة ومزمنة، وتختلف بين عوامل هضمية وعصبية وهرمونية ونفسية.
الأسباب الحادة
يحدث ارتجاع المريء واضطراب الهضم عندما ترتفع أحماض المعدة إلى المريء عقب تناول أطعمة دسمة أو حارة، ما يسبب شعوراً بالحرقة والغثيان.
يتحسن غالباً بتقليل كميات الطعام وتجنب الاستلقاء بعد الأكل وتجنب الأطعمة الدهنية والصلصات.
ينتج التسمم الغذائي عن طعام ملوث ببكتيريا مثل السلمونيلا أو الإشريكية القولونية فيظهر غثياناً شديداً مع قيء أو إسهال.
يظهر خلال ساعات من تناول الوجبة الملوثة ويستمر حتى يتخلص الجسم من السموم، وتبقى الراحة وتناول السوائل أساس التعافي.
تُعد العدوى الفيروسية من أكثر الأسباب انتشاراً، إذ تصيب الجهاز الهضمي بفيروس يسبب الغثيان والقيء وآلام المعدة، غالباً مع ارتفاع بسيط في الحرارة.
لا تُعالج بالمضادات الحيوية وإنما تحتاج إلى راحة وترطيب حتى تختفي الأعراض تدريجياً.
يُعد الكافيين منبهاً قوياً للجهاز العصبي والمعدة، لكن الإفراط في تناولهما يمكن أن يسبب تهيجاً للمعدة والغثيان.
حتى الانقطاع المفاجئ عن الكافيين بعد الاعتياد يمكن أن يسبب دواراً وعدم توازن.
قد يؤدي انسداد القنوات الصفراوية بالحِصاة إلى ألم حاد في الجزء العلوي من البطن يرافقه غثيان شديد وقيء بعد تناول الأطعمة الدهنية.
ينصح باتباع نظام غذائي منخفض الدهون وتجنب المقليات للحفاظ على صحة المرارة.
الأسباب المزمنة
يحدث الغثيان المستمر مع عوامل مزمنة كآثار جانبية لبعض الأدوية مثل المسكنات القوية ومضادات الحيوية التي قد تسبب غثياناً مستمراً.
يخفف الحدّة أحياناً بتناول الدواء مع الطعام، لكن الاستمرار يستدعي مراجعة الطبيب لتعديل الجرعة أو اختيار بديل مناسب.
يرتبط الغثيان بالصداع النصفي غالباً، إذ يعاني المصابون من غثيان يسبق أو يصاحب النوبة.
تُساعِد الراحة في مكان هادئ وتناول العلاج المبكر في تقليل الأعراض.
تعاني بعض النساء في فترة الحمل من الغثيان كعلامة مبكرة بسبب تغيرات هرمونية مفاجئة.
يتحسن عادة بتناول وجبات صغيرة ومتكررة وتجنب الروائح القوية والأطعمة الدهنية.
يؤدي خلل في الأذن الداخلية أو إصابة رأس إلى اضطراب التوازن وشعور بالغثيان المستمر، خصوصاً أثناء السفر أو الحركة السريعة، كما يعرف بدوار الحركة.
تؤدي أمراض الجهاز الهضمي المزمنة مثل القولون العصبي أو بطء تفريغ المعدة الناتج عن السكري إلى غثيان مستمر، مع شعور بالانتفاخ والشبع السريع بعد كميات صغيرة من الطعام.
ينصح بمتابعة أخصائي جهاز هضمي لتنسيق خطة علاج فعالة.
العوامل العصبية والهرمونية والنفسية
تُسهم اضطرابات الغدة الدرقية وتغيرات سكر الدم والتوتر المزمن في اضطراب إشارات الدماغ المسؤولة عن الغثيان.
يرافق الغثيان أحياناً دوخة وتغير في الرؤية، فلابد من مراجعة الطبيب لاستبعاد الأسباب العصبية.
متى تحتاج إلى استشارة طبية عاجلة؟
استشر الطبيب فوراً إذا صاحب الغثيان تقيؤ دموي أو حمى مرتفعة أو ألم شديد بالبطن أو علامات جفاف مثل قلة التبول أو دوار مستمر.
هذه العلامات تستدعي تقييمًا طبيًا عاجلاً للوصول إلى تشخيص صحيح وخطة علاج مناسبة.
