نظرة المتفائلين من قادة الاستثمار
تشهد أسهم Nvidia ارتفاعاً قوياً خلال عامين بلغ نحو 300%، ما دفع الرئيس التنفيذي جينسن هوانغ لتهدئة المستثمرين في مكالمة الأرباح قائلاً: هناك الكثير من الحديث عن فقاعة ذكاء اصطناعي، لكن من منظورنا نرى مشهداً مختلفاً.
ويبرز أن من يربحون من استمرار الإنفاق هم أنفسهم الذين يؤكدون أن منتقدي الجنون الاستثماري مخطئون. يقول ديفيد ساكس في بودكاست All-In: “لسنا في بداية دورة انهيار، بل في طفرة ونسير في دورة استثمارية فائقة”.
ويُعرب بن هورويتز من كبار مستثمري وادي السيليكون عن تفاؤله أيضاً، إذ يرى أن وجود مشكلة في الطلب بعد خمس سنوات أمراً مستهجناً، مضيفاً: إذا نظرنا إلى العرض، والطلب، ومضاعفات الربحية مقابل النمو، فالمشهد لا يبدو كفقاعة.
وتؤكد ماري كلاهان إيردوس من جي بي مورغان تشيس في حديث على CNBC أن وصف التدفقات المالية في الذكاء الاصطياعي بـ”الفقاعة” هو مفهوم مجنون، مشيرة إلى أننا على أعتاب ثورة كبرى ستغير طريقة عمل الشركات.
تراجع الشكوك وأبعاد التقنية والتمويل
يواجه بعض المحللين شكوكاً حول الإيقاع الفعلي للتطور التقني، فيرى بول كيدروسكي أن ضخ الفوائض من رأس المال يتجه إلى ثورة ما تزال مرتبطة بالـ”تكهنات”، وأن وتيرتها لا تتقدم بشكل سريع كما يظن البعض.
تتصاعد الأموال الضخمة في القطاع، فشركة OpenAI تقدر أن إيراداتها تبلغ 20 مليار دولار سنوياً وتخطط لإنفاق نحو 1.4 تريليون دولار على مراكز البيانات خلال الثماني سنوات المقبلة، مع الاعتماد على نمو في مبيعات الأفراد والشركات. ورغم ذلك، تظهر أبحاث أن تأثير روبوتات الدردشة على أداء الشركات ليس كبيراً في كثير من الحالات، وأن نحو 3% فقط من الجمهور يدفع مقابل خدمات الذكاء الاصطناعي. يقول دارون عجم أوغلو من MIT الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد 2024: النماذج مُضخَّمة، ونستثمر أكثر مما ينبغي، لكن ستظهر تقنيات حقيقية في السنوات العشر القادمة وليست كل الادعاءات حالياً دقيقة.
يخطط عمالقة التقنية مثل أمازون وجوجل وميتا ومايكروسوفت لإنفاق نحو 400 مليار دولار مجتمعة هذا العام على الذكاء الاصطناعي، مع تركيزٍ كبير على مراكز البيانات، وبعض الشركات قد تخصص حتى نصف التدفقات النقدية لإنشاء هذه المراكز.
ويضيف كيدروسكي أن على كل مستخدم آيفون أن يدفع أكثر من 250 دولاراً لتغطية هذا الإنفاق، وهذا غير واقع، ولتفادي نقص السيولة لجأت شركات مثل ميتا وأوراكل إلى تمويل بالديون والملكية الخاصة.
ديون وهندسة مالية معقدة وتأثيرها المستقبلي
كشف تحليل جولدمان ساكس أن شركات “هايبرسكالرز” حصلت على ديون بنحو 121 مليار دولار في العام الماضي، بارتفاع ثلاث مرات عن المستوى المعتاد. ويشير جيل لوريا من D.A. Davidson إلى أن بعض التحركات المالية تستخدم شركات أغراض خاصة لإبقاء الدين خارج الميزانية، وهو ما يسمح للشركات بالشراء بالقوة الحوسبية دون تحميلها ديوناً تقليدية.
مثال ذلك مركز بيانات لـميتـا في لويزيانا بقيمة 27 مليار دولار تم تمويله عبر Blue Owl Capital، وتمتلك ميتا 20% من الكيان لكنها تتحكم في المركز فعلياً. وإذا انفجرت الفقاعة سيتحمل الطرف المستهدف الدين، وهو ما يجعل الوضع حرجاً، كما يذكر لوريا أن هذه الترتيبات تذكر بفترة تأسيس شركات الأغراض الخاصة قبل 25 عاماً مع Enron، لكنها تبقى نموذجاً لا يجب الاعتماد عليه لبناء مستقبلنا.
يتوقع محللو مورجان ستانلي أن الإنفاق على البنية التحتية من قبل شركات التقنية الكبرى قد يصل إلى نحو 3 تريليون دولار حتى 2028، لكن التدفقات النقدية قد تغطي نصف هذا الرقم فقط. يحذر لوريا من أن النمو المستقر قد يؤدي إلى فائض سعة وفساد قيمة الديون، وهو تذكير بأن الاعتماد على هذه المراكز قد يفتح باب أزمة مشابهة لأزمة دوت كوم قبل عقد ونصف، إن لم يكن هناك حاجة فعلية لهذه القدرات في المستقبل.
الصفقات الدائرية وتداعياتها ومواقف المستثمرين
تثير الصفقة الأخيرة بقيمة نحو 100 مليار دولار بين Nvidia وOpenAI أسئلة حول دور التمويل الدائر في تعزيز الطلب، حيث تمول Nvidia مراكز البيانات لتشغيل OpenAI لاحقاً برقائقها. وتدخل شركات أصغر مثل CoreWeave في العقد مع OpenAI لاستئجار قدرات الحوسبة مقابل أسهم، وتضمن Nvidia شراء أي سعة غير مستخدمة حتى عام 2032. يرى دارون عجم أوغلو أن هذه الصفقات تشكل بيتاً من ورق قد يكشف في النهاية.
بدأت علامات القلق تظهر عند كبار المستثمرين؛ فباع الملياردير بيتر ثيل حصته بالكامل في OpenAI بقيمة نحو 100 مليون دولار، بعد قيام SoftBank ببيع حصة بقيمة 6 مليارات دولار في الشركة نفسها. عاد مايكل بيري ليقلل من الثقة في OpenAI، منتقداً الصناعة باستخدام “خدع محاسبية” وصفقات دائرية، وكتب عبر منصة X: “الطلب النهائي الحقيقي صغير بشكل مزعج، ومعظم العملاء يمولهم مورّدوهم”.



