تواجه الحامل في هذه الفترة تغيّرات كبيرة تؤثر في النوم وتزيد من التعب وعدم الاسترخاء، ما يجعل الوصول إلى قدر كافٍ من الراحة أمراً حيوياً لصحة الأم والطفل.
أثر الحمل على النوم وأسبابه
يحتاج كثير من البالغين إلى نحو سبع إلى ثماني ساعات من النوم يوميًا، والحامل ليست استثناءً، لكن جسدها يحتاج إلى مزيد من الراحة والتعافي نظرًا للجهد الإضافي الذي يبذله لدعم الجنين. لذلك قد تشعرين بالحاجة إلى قيلولة نهارية قصيرة أو إلى نوم أطول من المعتاد، وهو أمر طبيعي تمامًا في هذه المرحلة.
يزداد اضطراب النوم خلال الحمل بسبب تغيّرات جسدية هائلة، بدءًا من زيادة حجم الدم ووزن الجسم مرورًا بتغيرات هرمونية وصولاً إلى ضغط متزايد على الأعضاء الداخلية. هذه العوامل مجتمعة تجعل النوم العميق أكثر صعوبة.
الأرق وصعوبة العثور على وضعية مريحة
في الثلثين الثاني والثالث من الحمل قد يصبح النوم على الظهر غير مريح بسبب ضغط الرحم على الأوعية الدموية الكبرى. يُنصح بالنوم على الجانب الأيسر تحديدًا، لأنه يحسن تدفّق الدم إلى الجنين ويخفف الضغط عن الكبد. يمكن استخدام وسادة داعمة أو وسادة طويلة على شكل حرف U لدعم الجسم وتخفيف الإجهاد.
الشخير وانقطاع النفس أثناء النوم
تزداد احتمالية الشخير أثناء الحمل نتيجة احتباس السوائل وتضيّق الممرات الهوائية، وأحيانًا يتطور الأمر إلى انقطاع النفس أثناء النوم، وهو حالة تستوجب المتابعة الطبية لأنها قد تقلل نسبة الأكسجين الموصلة إلى الجنين. رفع الرأس قليلًا أثناء النوم يساعد على تقليل الشخير والارتجاع، ويمكن للطبيب أن يوصي بإجراء دراسة نوم إذا وُجدت أعراض مصاحبة مثل ارتفاع ضغط الدم أو صداع صباحي متكرر.
كثرة التبول الليلي
يضغط الرحم المتنامي على المثانة، ما يزيد الحاجة إلى التبوّل خاصة في الليل. لتقليل ذلك يُفضّل شرب كمية كافية من السوائل خلال النهار وتقليلها قبل النوم بساعتين تقريبًا، مع الحرص على تفريغ المثانة تمامًا قبل الذهاب إلى الفراش.
متلازمة تململ الساقين وتشنجات العضلات
تشعر بعض الحوامل برغبة ملحّة في تحريك الساقين ليلًا، وهو ما يُعرف بمتلازمة تململ الساقين، وربما يرتبط بانخفاض الحديد أو نقص المغنيسيوم. كما قد تظهر تقلصات عضلية مؤلمة في الساقين بسبب تغيرات السوائل في الجسم. تناول وجبات غنية بالحديد والبوتاسيوم، مثل السبانخ والموز، والمشي الخفيف قبل النوم أو نقع القدمين في ماء دافئ، تعتبر طرقًا فعّالة لتخفيف هذه الأعراض.
ارتجاع المريء وحرقة المعدة
مع زيادة حجم الجنين، يضغط الرحم على المعدة مما يدفع الأحماض إلى الأعلى مسبّبًا حرقة مزعجة تعيق النوم. للحد من ذلك يُنصح بتناول وجبات خفيفة ومتكررة بدلًا من الكبيرة، وتجنب الأكل قبل النوم بثلاث ساعات، ورفع رأس السرير قليلًا. كما يجب تجنّب الأطعمة الحارة والمقلية والمشروبات المحتوية على الكافيين، واستشارة الطبيب حول مضادات الحموضة الآمنة أثناء الحمل.
نصائح عملية لتحسين النوم أثناء الحمل
ثبّتي موعد نوم واستيقاظ ثابت يوميًا حتى في عطلات نهاية الأسبوع، واختاري غرفة نوم باردة ومظلمة وهادئة للمساعدة على الاسترخاء، وتجنّبي استخدام الهاتف أو مشاهدة الشاشات قبل النوم بساعة على الأقل لأن الضوء الأزرق يؤثر في إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النعاس. مارسي نشاطًا بدنيًا معتدلًا نهارًا، مثل المشي أو اليوغا المخصصة للحمل، لتحفيز النوم العميق ليلًا، وجربي تقنيات الاسترخاء كالتنفس العميق أو التأمل قبل النوم لتقليل التوتر والقلق. احرصي على نظام غذائي متوازن، فالجوع أو انخفاض سكر الدم ليلاً قد يسبّبان الاستيقاظ المتكرر.
ماذا عن أدوية النوم والميلاتونين أثناء الحمل؟
رغم أن بعض النساء يلجئن إلى الميلاتونين أو مضادات الهيستامين للمساعدة على النوم، تؤكد الخبرة الطبية ضرورة استشارة الطبيب قبل استخدام أي دواء خلال الحمل. في معظم الحالات، يُفضّل الاعتماد على التعديلات السلوكية والبيئية لتحسين النوم بدلاً من الحلول الدوائية، إلا إذا أوصى الطبيب بخلاف ذلك لأسباب طبية محددة.



