أعلنت الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية عن تحقيق نسبة توطين بلغت 24.89% من الإنفاق العسكري بنهاية 2024، وتؤكد الرؤية نحو توطين أكثر من 50% من الإنفاق العسكري بحلول عام 2030.
يرى المحلل الاستراتيجي تركي العجمي أن هذا الإنجاز يمثل قفزة نوعية في مسار النمو والازدهار الذي تقوده القيادة، مع تحوّل فعلي من الاعتماد الكامل على الاستيراد إلى بناء قدرات محلية في مجالي التطوير والصناعات الدفاعية، ما يعيد تشكيل الاستقلالية الاقتصادية والهيكل التقني للمملكة.
ويؤكّد أن التحول من الاعتماد على الواردات إلى تعزيز القدرات الوطنية في التطوير والصناعات الدفاعية يعيد تشكيل الاستقلالية الاستراتيجية والهيكل الاقتصادي والمشهد التقني للمملكة.
هناك منافع أمنية استراتيجية وراء هذا المسار، أبرزها الاستقلال الاستراتيجي بتقليل الاعتماد على الواردات من معدات وتقنيات وخدمات تشمل الصيانة، وهو ما يعزز قدرة المملكة في الحفاظ على أمنها الدفاعي.
ويوضح أن هذا المسار يجنب التأثر بأي اختناقات قد تصيب سلاسل الإمداد العالمية، فالجائحـة والظروف الجيوسياسية أظهرتا أهمية قدرة الدول السيادية على الإنتاج السريع والتأقلم مع تغيرات السوق العالمية في المعدات والقطع الحساسة والحرجة.
ويقـول إن توطين الصناعات والتطوير الدفاعي يعزز السيادة التقنية من خلال نقل المعرفة وتطوير التقنيات الدفاعية المتقدمة، وبناء قدرات وطنية في مجالات البحث والتطوير والهندسة العسكرية، ما يتيح امتلاك ناصية التقنية والتحكم في مسار تطويرها وتحديثها دون قيود، ويرسخ مفهوم السيادة التقنية ويقلل الاعتماد على المصادر الخارجية في الابتكار والإنتاج.
كما يبيّن أن توطين القدرات يولّد فرص توظيف ضخمة في مجالات متعددة مثل البحث والتطوير والابتكار والتجميع والتصنيع والصيانة وغيرها، وهي فرص ناتجة من التعاون بين القطاعين العام والخاص، مع الإشارة إلى أن الإحصاءات أظهرت مساهمة التوطين للصناعات الدفاعية بما يقارب سبعة مليارات ريال كمساهمة مباشرة في الناتج المحلي للمملكة كقيمة اقتصادية تراكمية.
ويضيف أن تعزيز بناء الشراكات يَسهُم في توسيع قاعدة المورّدين والمصنّعين في المملكة، فبحسب أحدث البيانات ارتفع عدد المنشآت العسكرية المرخصة من 5 منشآت في 2019 إلى 296 منشأة بحلول الربع الثالث من 2024، كما أعلنت الهيئة عن جوائز التميّز لتسع شركات محلية عاملة في الصناعات الدفاعية قبل أيام، وتبين الإحصاءات الحكومية مساهمة القطاع في التوظيف بنسبة 0.423% حتى الآن.
وأشار العجمي إلى أن الاتفاقات الدفاعية والأمنية الأخيرة بين المملكة والولايات المتحدة، التي وُقِّعت خلال زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ولقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تعكس اتجاهًا نحو تعميق التنسيق الدفاعي طويل الأجل وتكامل القدرات بما يدعم خطوات التوطين الكامل للصناعات الدفاعية.
وأوضح أن تقدم الصناعات الدفاعية المحلية يفتح باباً لفرص تصدير عظيمة تساعد في دعم الميزان التجاري للمملكة وتعزز مكانتها كمركز إقليمي للمعدات الدفاعية المتقدمة.
وختم قائلاً إن مسار توطين الصناعات الدفاعية الذي تسير فيه المملكة بخطى ثابتة، عبر توفير بيئة صناعية دفاعية جاذبة، يحمل منافع اقتصادية وأمنية عديدة تصب في صالح بروز المملكة كقوة إقليمية ودولية مؤثرة ومستقلة.
نظرة عامة على الأثر والآفاق



