أكّد صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر محافظ الأحساء، الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير الأحساء، أن الواحات ليست فضاءات طبيعية فحسب، بل هي ركيزة حضارية أسهمت في تشكيل الإنسان وبناء الهوية عبر آلاف السنين، وأن فهم الواحات هو فهم لتاريخ الإنسان وقدرته على تحويل الندرة إلى قوة.
وأعلن في كلمته الافتتاحية اليوم لملتقى الدرعية الدولي 2025 في الرياض أن الطبيعة أثّرت في صناعة الحضارات، وأن الجبال والسواحل والوديان والواحات لم تكن مجرد بيئات عاش فيها الإنسان، بل شريكا أساسيا في استقراره وابتكاره، وأن الطبيعة حفظت الإنسان وفي الوقت ذاته صنعتْه وعلمته كيف يبني حضارة من موردٍ قليل وبإبداعٍ كبير.
وأكد سموه أن العُلا ورجال ألمع والأحساء نماذج متفردة لحضارات تفاعلت مع بيئاتها الجغرافية، فجسدت قيم الزراعة والاستقرار وفنون العمارة التقليدية، مسلطًا الضوء على واحة الدرعية التي وصفها بأنها واحة صنعت إنسانًا يعرف قيمة الماء، ويتقن الزراعة، ويبدع في التجارة، موضحًا أن الدرعية كانت وما تزال أنموذجًا حضاريًا يكتب التاريخ ويلهم المستقبل.
واحة الأحساء: تاريخ ونسيج وهوية
وفي محور موسّع حول واحة الأحساء استعرض امتدادها التاريخي لأكثر من سبعة آلاف عام، واحتضانها لأكبر واحة نخيل في العالم المسجّلة لدى اليونسكو، مؤكدًا أن الأحساء تمثل نموذجًا فريدًا لتكامل الثقافة المادية مع الثقافة الفكرية، بدءًا من شبكات الري التاريخية والحرف التقليدية والصناعات الزراعية، وصولًا إلى الموروث الشفهي والأدبي والكتابي.
وأفاد بأن الأحساء ليست واحة واحدة، بل واحات من الذاكرة والحكاية والإنسان، وهي متحف حيّ لاستدامة الهوية، ودليل على أن الحضارات التي تبدأ من الواحات لا تبقى في التاريخ فقط، بل تصنع المستقبل، وتضم أكثر من 2.5 مليون نخلة، ما يجعلها موطنًا لأكبر واحة نخيل في العالم، ومسجلة لدى اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي.
وشدد سمو الأمير سعود بن طلال في ختام كلمته على أن الحديث عن الأحساء والواحات هو حديث عن قيم الاستدامة والتوازن والارتباط العميق بين الإنسان وأرضه، مقدمًا شكره للحضور، مؤكدًا أن ملتقى الدرعية يأتي استمرارًا لجهود المملكة في إبراز إرثها الحضاري العريق، وتعزيز حضور الواحات بوصفها موردًا ثقافيًا واقتصاديًا مستدامًا.



