تفتح مساء جبل عِكمة أمام الزوار جولة ساحرة بين الممرات الصخرية المضيئة بالمشاعل، حيث تتداخل ملامح الطبيعة مع سحر الحكايات القديمة وتجمع بين الهدوء والجمال الفريد.
يجد الزائر نفسه أمام إرث إنساني عميق تركه سكان العُلا القدماء، الذين سجّلوا على الصخور تفاصيل حياتهم ومعتقداتهم منذ آلاف السنين.
وتتيح التجربة للزوّار التعرّف على أساليب قراءة النقوش وفهم سياقاتها التاريخية من خلال المرور على كتابات ورموز وثّقتها حضارات دادان ولحيان والأنباط، التي تكشف جوانب من حياتهم اليومية وطقوسهم وعلاقتهم الروحية بالمكان.
وتمنح الجولة تجربة تفاعلية تعيد إحياء التاريخ وتربط الزائر بما يحمله الجبل من ذاكرة ممتدة عبر العصور.
ويُعد جبل عِكمة من أبرز المواقع التاريخية في محافظة العُلا ومن أكبر المكتبات المفتوحة للنقوش في الجزيرة العربية، إذ يضم مئات النقوش والكتابات بلغات عدة تعود في معظمها إلى النصف الثاني من الألفية الأولى قبل الميلاد.
توثّق أكثر من 300 نقش على الجبل بفئات دينية وتعبيرات إنسانية وكتابات تحكي أنماط الحياة والطقوس والممارسات الاجتماعية للحضارات القديمة في العُلا.
وتبرز النقوش تطور اللغات واللهجات وتكشف عمق التبادل الثقافي الذي جعل العُلا ملتقى للحضارات ومسارًا للقوافل وشاهدًا على الإرث الوثائقي للحضارات العربية القديمة.
وتتضمن التجربة ورشة “تعلّم النقش على الصخور” تتيح للمشاركين أساسيات النحت باستخدام أدوات مستوحاة من تقنيات القدماء واستلهام الرموز التي تركها على واجهات الجبل.
كما تُقام جلسات حكايات تسرد وقائع تاريخية مرتبطة بجبل عِكمة في أجواء تعبّر عن أصالة المكان وعمق الإرث الثقافي للعُلا.
وتعزّز التجربة جبل عِكمة بوصفه متحفًا حيًا مفتوحًا يعرّف الزوار بأحد أهم مصادر النقوش والتاريخ في شمال غرب المملكة، ويسهم في رفع الوعي بالقيمة الحضارية للموقع وتقديمه بأساليب معاصرة تقرب التاريخ وتجعله جزءًا من التجربة الثقافية للعُلا.
