تفتح الصخور القاسية في جبل أثلب العلا فضول الزائرين عندما تقف أمام واجهاته الصخرية المليئة بثقوب دقيقة تبدو كأنها منحوتة بعناية. هذه التشكيلات الطبيعية المثيرة تعرف باسم التافوني، وهي إحدى الظواهر الجيولوجية التي تميّز صخور الحجر الرملي في العلا.
التافوني: ظاهرة طبيعية تداخلت مع تاريخ العلا
وفي زيارة لسبق على هامش مهرجان الممالك القديمة 2025 ذكر الراوي محمد البلوي في حديثه مع الفريق الإعلامي أثناء مشاركتهم في تجربة مسار المشي بين معالم الحجر الجيولوجية أن من الأشكال البديعة التي تتكوَّنت في الحجر الرملي شكل يُسمَّى التافوني، وربما يكون من أول الأشياء التي تلاحظها حين تنظر إلى الصخور ذات اللون الأصفر البني الفاتح، لأنها تبدو كأن الحجر الرملي مليء بالثقوب. فهذه الثقوب والأشكال الصغيرة الرائعة التي يمكن أن تتكوَّن، هي التافوني.
وتتكوَّن القطع الفنية الطبيعية عن طريق التجوية، فالحجر الرملي يتكون من حبيبات رواسب التحمت وتماسكت ببعضها البعض على مر الزمن حتى تشكلت الصخرة، وتقوم الأمطار والرياح بتكسير «الأسمنت الطبيعي» الذي يمسك هذه الحبيبات، فتسقط تدريجيًا وتظهر فجوات صغيرة بحجم حبة الحمص تقريبًا. وتساهم هذه الفجوات في تسريع التجوية في الحبيبات المحيطة أكثر من بقية أجزاء الصخرة، مما يؤدي إلى توسّعها بمرور الزمن. وفي داخل هذه الفجوات تدور الحبيبات الصغيرة وتتنقّل، مما يساعد على نحتها بشكل أدق. ومع الزمن تتحول هذه الثقوب الصغيرة إلى أعمال فنية طبيعية مصغّرة تنتشر على سطح الصخور.
يذكر أن الحجر يعدّ أشهر مواقع العلا، وهي أول موقع سعودي يُدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي وكانت المدينة الجنوبية الرئيسية لمملكة الأنباط، وتضم أكثر من 140 مقبرة منحوتة في واجهات صخرية بخرافة معمارية مبهرة، ومؤخرًا أدرجت العلا في سجل ذاكرة العالم التابع لليونسكو، وقد اختيرت العلا أيضًا كأحد أفضل الوجهات السياحية في العالم لعام 2022.



