نؤكد أننا في هذه الحياة مبتلون؛ فالدنيا ليست دار جزاء ووفاء بل دار اختبار وابتلاء، فالابتلاء قدر إلهي وحتمي يتبين من خلاله صدق من ادعى الإيمان ومن كان ادعاؤه كاذبًا، ويكون البلاء على قدر دين المرء وقوته وضعفه.
أوضح أن سنة الله أن يبتلي عباده المؤمنين بالسراء والضراء والعسر واليسر والمنشط والمكره والغنى والفقر وإدالة الأعداء عليهم أحيانًا ومجاهدة الأعداء بالقول والعمل ونحو ذلك؛ وكل ذلك مظهر لثباتهم على الإيمان ومحبة الرحمن والتسليم لقضاء ربهم العظيم.
معنى الابتلاء وثمراته
أظهر أمثلة متنوعة لصور الابتلاء في صفوة الخلق من الأنبياء عليهم السلام، فتكذيب الأقوام كما في إبراهيم ولوط ونوح، أم كان ابتلاء بالنعمة كما داود وسليمان، أم بالفتنة والشهوة كما يوسف، أم بالضر كالداء الذي أصاب جسد أيوب، أم كان بأنواع الأذى كما موسى.
أوضح أن الأنبياء أفضل الخلق وأكرمهم على الله، إلا أنهم أشد بلاءً لأجل مضاعفة حسناتهم ورفع درجاتهم، فهم صبروا واحتسبوا، ثم سار المؤمنون الصادقون من بعدهم على أثرهم واقتدوا بهم في الثبات على الدين رغم العناء.
قال فضيلته: ما أعظم شأن الصحابة الكرام؛ إذ ضربوا أروع الأمثلة في سبيل نصرة الإسلام رغم الشدائد والأهوال، فصبروا وتوكلوا، وتعرضوا للحصار والجوع في شعب أبي طالب ثم استمروا ومضت عزائمهم ثابتة في مواجهة البلاء.
أشار إلى أن من صور امتحان الإيمان ابتلاء المؤمن بما عليه الناس من العوائد والتقاليد المخالفة لشرع الله، فإن أطعوا الهوى أضلوا عن سبيل الهدى.
أوضح أن مما يُظهر حقيقة إيمان العبد استقباله لما استقبحه الشرع، فمتى قابل المنكرات بالإنكار زاد في إيمانه واطمئنانه، ومتى استجاب لها ورضيها فُتِن ونال من إيمانه، فلا عذر للمؤمن أن يكره بقلبه بل يجب عليه زجرهم وبغض المنكر كراهةً لما هم فيه.
يؤكد ترسيخ مفهوم الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره كأساس متين يرفع صاحبه إلى أعلى درجات الإيمان واليقين، فإذا ابتلي العبد في إيمانه بقي ثابتًا ولم يتزعزع.
حثّ الناس على أن يحمدوا ربهم على نعمته وعلى ما صرف عنهم ومنحهم، وعلى أن يعافيه من الابتلاء ولا يبتلوا أكثر، وأن يجعلهم في خدمة الدين ولا يستبدلهم، وأن يشكروا نعمة المولى ويؤدوا حقه فيهم.
احرصوا على تقوى الله ومراقبته في السر والنجوى، فإن الصبر على البلاء ورضاه يفتح لك باب النصر والهداية وحسن الثواب.



