ذات صلة

اخبار متفرقة

شدد على أهمية التوازن بين الحلم والخبرة في منتدى مسك العالمي.

إبداع ينبت من أرضنا شدد أمير منطقة حائل الأمير عبدالعزيز...

أكّدت إدراج الحي ضمن الخطط المستقبلية وتوفير البدائل حتى التنفيذ

توضيح من المياه الوطنية بشأن حي النور في شمال...

خطبة الجمعة في المسجد الحرام

نؤكد أننا في هذه الحياة مبتلون؛ فالدنيا ليست دار...

الطقس المتوقع اليوم في المملكة

حالة الطقس والرياح اليوم استمر تأثير الرياح النشطة المثيرة للأتربة...

عبدالمنعم مدبولي: وجهُ الأمان وصوتُ الحنان على خشبة الحياة ولأبنائه؛ لو بتحبوني حافظوا على اسمي

عبدالمنعم مدبولي وعائلته: حكايات منزل يفيض بالذكريات

فتح المهندس محمد عبدالمنعم مدبولي باب منزل الأسرة في مصر الجديدة ليشاركنا ذكرياته مع والده الفنان عبدالمنعم مدبولي، الذي لم يكن مجرد رمز فني بل أباً حنوناً ومربياً صارماً وإنساناً استثنائياً ترك بصمة لا تُنسى في المسرح المصري وحياة أسرته. وفي هذا الحوار الإنساني، يكشف الأبناء عن ملامح لا يعرفها الجمهور عن بابا عبده، الفنان الذي قدّم الكوميديا بعين الناقد، والمأساة بقلب الأب، وعلم أبناءه أن المحبة الحقيقية تقاس بمدى حفاظهم على اسمه وقيمه.

كان أبي مشغولاً في فترة الستينات بتكوين اسمه ونجمُه، فكان دائماً يعمل في المسرح التلفزيوني وفرقة الفنانين المتحدين، كما أسس المسرح الحر كمخرج وممثل وكون فرقة ساعة لقلبك. نصف عمره الفني في تلك الفترة، فكل مسرحيات المسرح الكوميدي التابعة لمسرح التليفزيون هي من إخراجه، وبمجرد أن يقرأ الجمهور اسم المسرحية مع عبارة إخراج عبدالمنعم مدبولي، يبدون الدخول بلا تردد.

تميزت إسهاماته المسرحية بأنها ورشة لاكتشاف النجوم، كما يروي محمد. اكتشف مواهب كثيرة صارت نجوم صف أول؛ صلاح السعدني ظهر في مسرحية لوكاندة الفردوس، وعادل إمام من أنا وهو وهي، وتوالت الاكتشافات عبر فرقة المدبوليزم ليبرز يحيى الفخراني وفاروق الفيشاوي وسامية الألفي، بينما تألق حسن حسني معه ثم انطلق مع غيره في مسارح التليفزيون، وكان أحمد زكي بداية مشواره مع أبي في هالو شلبي، وعبدالله فرغلي وحسن مصطفي انطلقا معه في ذلك المسار.

برغم كثافة العمل، حافظ مدبولي الأب على أسرته، فكان في الإجازات يشاركنا ويؤجر لنا شقة في الإسكندرية طوال الصيف؛ يمضي في المسرح ليلاً ثم يعود لنقطة الانطلاق مبكراً، أحياناً لا يستطيع العودة فيكفون نحن ووالدتي عناء شوقنا إليه. كان يأخذنا في أيام الإجازات لنشاهد مسرحيات محمد عوض وأمين الهنيدي، ثم يجلس معنا ويلعب ويقص علينا حكاياته مع ابتسامة لا تفارق وجهه.

أشار محمد إلى أن شخصيته في المنزل تغيّرت أثناء المراهقة فكان أباً صارماً يحب الالتزام بالمواعيد؛ فإذا حان موعده قدم نفسه قبل الموعد بنصف ساعة. لكنها رغم صرامته كانت له قلب طيب، كان يهدأ بسرعة عندما يرى طفلاً يبكي لأنه فقد والداً في طفولته. كان يقول لنا: إذا تزوجتم وأنجبتم، اتركوا لزوجتكم السيارة لتكون عندها إذا مرض أحد الأولاد أو أصيب بجروح، لتذهب به إلى الطبيب فوراً، فأنتم إلى العمل بوسيلة مواصلات.

بهذه الروح بقي عبدالمنعم مدبولي حاضراً في ذاكرة أبنائه ليس فقط كفنان قدّم أجمل المسرحيات، بل كأب حنون علّمهم أن المحبة الحقيقية لا تقاس بالكلام بل بتحمل المسؤولية وأن الحفاظ على الاسم أمانة.

ما أبرز المواقف التي لا تُنسى عن والدك؟ وكيف أثر اسمه وشخصيته عليكم؟

انطلق محمد في ذكر مواقف محفورة: كان يحب والده ويخاف من زعله، وكان دقيقاً في عمله يذاكر دوره جيداً ويستعد للنزول إلى التصوير، حتى أن الأسرة كانت تخفي نفسها في الغرف لتجنب فقدان تركيزه في التفاصيل. لم يكن عبدالمنعم مدبولي حاضراً فقط في حياة أبنائه بل كان حاضراً في تربيتهم بقوة؛ فكان يمنع الشكاوى من المدرسة ولا الشقاوة، ولأنهم ينتمون لاسم عريض كان عليهم تحمل المسؤولية وعدم التصرف بطيش حتى لا يُقال: عبدالمنعم مدبولي لا يولي أولاده اهتمامه بسبب التمثيل.

ورغم مشاغله الفنية، كان يتابع أبنائه ويطمئن عليهم، ويصرّ على تعليمهم في مدارس حكومية متفوقة، مع وجود تجربة لغات في المراحل الأولى، ثم مدارس حكومية عربية في المراحل الإعدادية والثانوية، ويدفعهم إلى الاعتماد على أنفسهم في مسار الحياة.

أمل عبدالمنعم مدبولي: وجه أبي يشيع الأمان وقلبه لا يُنسى

تفصح أمل عن الجانب الحنون في والدها وعلاقته بها، وتصفه بأنه الأب والزوج المكافح الذي يعمل كثيراً ليعلّم أبناءه ويزوّجهم في فيلم الحفيد، ويبحث عن بناته عندما كبرن في مسلسل لا يا ابنتي العزيزة. وتؤكد أن أبي كان يجمع بين الكوميديا والتراجيديا بشكلٍ تلقائي، ويملك قدرة فريدة ككاتب ومخرج مسرحي، وأنه أبدع في أداء أدواره أمام شادية وسهير البابلي في ريـا وسكينة. وتظل أغانيه للأطفال كتو توت وتعيش بيننا عالقة في أذني جماهير من الأجيال المختلفة.

وتروي أمل ملامح والدها عندما كان يتيماً فقد والده وهو في ستة أشهر، وتصف جدته التي رعت والده بشدة، وكيف حرصت على تزويده بأساليب تعليم عالية وتربية صارمة وتدوين دروسه في البيت ليذاكر جيداً، وتؤكد أن جدته علمته معنى الالتزام والأخلاق من الصغر. وتضيف أن والدها كان خجولاً ومتواضعاً في شبابه، يكتب ويرسم ويؤلف ويخرج للفريق الفني في المدرسة، وكانت تلك التجارب مصدر موهبته الأكبر. وتختم بأن فقدان والدها في عمر مبكّر أثر في معاملته لنا، إذ كان شديد الحساسية تجاه الأيتام والتعبير عن التعاطف معهم، وهو ما ظل يؤثر به حتى كبر في السن.

تؤكد أمل أن علاقة والدها بفؤاد المهندس كانت قائمة على حب الفن والتعاون؛ فالمهندس كان يقول بأن عبدالمنعم هو المفتاح لشخصيتي، وأنهما لم يشهدا غيرة فنية بينهما، بل تعاون ناجح جعلهما يقدمان أعمالاً بارزة مثل أنا وهو وهي وحواء الساعة 12. وتذكر أن والدها كان حريصاً على أن يكون أداء فؤاد المهندس في أحسن حالاته، وأن كواليس علاقة فؤاد المهندس وشويكار حملت قصة حب لم يتدخل فيها، بل شجّع مشهد اعتراف فؤاد بحبه لشويكار في أحد عروض المسرحية على مباغتتها بطلب الزواج. وتروي أن فؤاد المهندس بكى حزناً على والدها حين اتصلت به زوجته ليطمئن على صحته وهو في العناية المركزة، وأنه لحقه بشهرين بعد وفاة والده، كأنهما لم يتفارقاً.

الزوجة الصبور رفيقة درب عبدالمنعم مدبولي

تحكي أمل عن والدتها ودورها الأساسي في حياة والدها الفنان، فهي الابنة التي عرفها من طفولتها وتزوجها وهو أكبر منها بعشر سنوات. وكانت أمها تلمّ بمظاهر الرسم لأنها خريجة الفنون التطبيقية وتدير في البيت شؤون الأسرة وتقتطع جزءاً من أمواله وتدين بتوفير الراحة لنا. وتتابع أمل أن أمها كانت صبورة وتشارك في إعداد الأبوة وترافقه في رحلاته للخارج لتصوير أعماله.

في عام 2002 أصيبت أمي بجلطة في المخ أثّرت في حركة أفراد العائلة كافة، وكان والدها يحزن عليها بشدة؛ فكان يرى فيها الزوجة المخلصة التي يعتمد عليها في كل شأن، وتغيّرت حياتنا بشكل جذري، وظل حزيناً عليها حتى رحيله. وبعد ذلك تعلّمت أمها كيف تتعايش مع غيابه، ولما ترى أباً في النوم تبكي من اشتياقها. وتتابع أمل بأن والدتها رحلت لاحقاً، لكن ذكرى زوجها بقي يرافقها دائماً.

ترك رحيل الوالدين فراغاً عميقاً في حياة الأسرة، وظل الأبناء يحتفظون بذكرى والدهم كنموذج للأب المثالي، وبالتاريخ الفني الحافل الذي جمع بين الكلمة والابتسامة والدمعة في آن واحد.

spot_img
spot_imgspot_img

تابعونا على