عاد ليفربول إلى الأساليب القديمة من جانبين، وظهر أنه لا يزال قادرًا على إنهاء سلسلة هزائمه الأربع في الدوري الإنجليزي الممتاز، رغم غياب معظم صفقات الفريق الجديدة وتلك التحديات التي واجهها في الأسابيع الأخيرة.
احتاج الفريق إلى لمسة من الحظ ليتغلب على أستون فيلا، وحدث ذلك عندما أهدى إيميليانو مارتينيز صلاح هدفه الـ250 مع ليفربول، وهو محطة لا تُنسى لأحد اللاعبين ولحظة يتمنى الآخرون نسيانها سريعًا.
حتى تلك اللحظة كان أستون فيلا ندًا لا يقل عن ليفربول، إذ أصبح أول فريق يزور آنفيلد في الدوري الممتاز منذ كريستال بالاس في سبتمبر 2021 وتعرضت كراته القابلة للصدام بالعارضتين والقائمة مرتين في شوط واحد، ثم كاد ماتي كاش أن يخطف هدفًا بتسديدة قوية تصدى لها جورجي مامارداشفيلي ببراعة.
لكن الفارق جاء عندما لم يستطع فيلا استعادة توازنه بعد هدف صلاح في نهاية الشوط الأول، فاستعاد ليفربول ثقة ذاته كما لم يفقد اللاعبون أملهم في العودة.
عودة سلوت إلى الأساليب القديمة
غاب جيريمي فريمبونغ وألكسندر إيزاك عن المباراة بسبب الإصابة، لكن غياب ميلوس كيركيز وفلوريان فيرتز كان بقرار من سلوت نفسه، مع مشاركة فيرتز كبديل في الدقائق العشرين الأخيرة.
الصفقة الجديدة الوحيدة التي بدأت المباراة في التشكيل الأساسي خارج حراسة المرمى كانت هوجو إكيتيكي، وليس من قبيل المصادفة أنه اللاعب الوحيد من مجموعة تُقدَّر قيمتها الإجمالية بـ400 مليون جنيه استطاع التأقلم بسرعة في الدوري الإنجليزي الممتاز.
كانت الرسالة واضحة: قرر سلوت الاعتماد على الأساليب المجرَّبة لإنهاء فترة تراجع فريقه.
وقد بدا ليفربول أكثر تماسكًا نتيجة لذلك، ولا سيما في طريقة الضغط الجماعي، إذ شكّل ضغطهم العالي من الخط الأمامي مصدر إزعاج متكرر لأستون فيلا، ما أدّى إلى تسجيل الهدف الافتتاحي الحاسم (تفاصيله لاحقًا).
العدوانية في خط الوسط التي كانت غائبة عندما يشارك فيرتز، الذي لا يزال يتأقلم مع إيقاع الدوري الإنجليزي، كانت لافتة للغاية.
كما ساعدت اختيارات التشكيل ليفربول في الحفاظ على أول شباك نظيفة له بعد 11 مباراة في جميع المسابقات، ويُعزى ذلك جزئيًا إلى مشاركة كونور برادلي وأندرو روبرتسون في مركزي الظهيرين.
كلاهما قدّما انطلاقات ذكية إلى العمق، متداخلين نحو الداخل لخلق مساحات هجومية إضافية أمام كودي جاكبو وصلاح، ورغم أن هذا لم يكن ذا تأثير مباشر على النتيجة، فإن مجرد محاولة سلوت لتجربة شيء مختلف وأمر لا يملك فريمبونج ولا كيركيز خبرة كافية في تنفيذه، تحمل دلالّة كبيرة.
كرة فيلا المبنية على المخاطرة والمكافأة ترتد عليهم
من المؤكد أن استعدادات أوناي إيمري الدقيقة شملت تحليل الأهداف التي يستقبلها ليفربول، والتي غالبًا ما تأتي من كرات طولية في القنوات الجانبية أو من خسارة الكرات الثانية، ومع ذلك توصّل المدرب الإسباني إلى استنتاج مختلف تمامًا عن معظم خصوم ليفربول السابقين.
فقد أخذ أستون فيلا فكرة الخروج بالكرة من الخلف إلى أقصى درجاتها، إذ تعمّد استدراج ضغط ليفربول بتمريرات محفوفة بالمخاطر داخل منطقة جزائه.
ولكن كان هناك منطق خلف هذا الجنون؛ فهجماتهم المرتدة الأفضل — تلك التي أضرت ليفربول كثيرًا في الأسابيع الأخيرة — تكون دائمًا مصطنعة تحت قيادة إيمري: يستدرجون الخصم للأمام، ثم يدورون خلفه وينطلقون بسرعة نحو المساحات عبر مورجان روجرز.
وهذا بالضبط ما فعله فيلا في آنفيلد وكاد أن ينجح، ففي المثال الذي حدث في الدقيقة الخامسة، نجح الفريق في تجاوز ضغط ليفربول وأطلق روجرز في مساحة هائلة، وخلال ثوانٍ فقط، ارتطمت تسديدة اللاعب رقم 10 بالقائم.
كانت تلك هي المحاولة التي كادت أن تحقق مكسبًا، لكن المخاطرة المقابلة كانت واضحة، فقدان الكرة في مناطق متقدمة كان يعني ترك دفاع فيلا مكشوفًا.
وفي الدقيقة الـ23، نجح ليفربول في افتكاك الكرة في موقع متقدم، لينفرد دومينيك سوبوسلاي بالمرمى، وكان ينبغي أن يسجل.
يُحسب لسلوت أنه صرخ في فيرجيل فان دايك مطالبًا إياه برقابة رجل لرجل على روغررز في مثل هذه المواقف، وهو ما نجح في الحد من خطورته في أغلب الأحيان.
واصل أستون فيلا اللعب بشجاعة، لكن المخاطرة كانت أكبر من أن تُحتمل، تمريرة مارتينيز العشوائية جاءت تحت ضغط مباشر، قطعها محمد صلاح وسجّل منها هدفًا في نهاية الشوط الأول، هدف أضعف ثقة فيلا وهدأ جماهير آنفيلد، وكان حاسمًا في تحديد النتيجة.
فعندما اختار فيلا إرسال الكرات الطويلة، تمدد الفريق كثيرًا طوليًا في الملعب، مما أتاح المساحة أمام فان دايك ليفوز بالكرة بالرأس ويمهّدها للأمام، ليمنح كودي جاكبو تمريرة إلى راين جرانفنبرخ الذي انطلق من العمق وسجّل الهدف.
يمكن لليفربول العودة إلى سباق اللقب عبر إدماج اللاعبين الجدد بوتيرة أبطأ وبشكل أكثر تدرجًا، فالواضح أن كثرة التغييرات مؤخرًا قد تكون سببًا في التراجع.
يحتل فريق سلوت المركز الثالث في الدوري بفارق سبع نقاط عن المتصدر آرسنال ومع تبقي 28 مباراة، ما يعني وجود وقت لاستعادة الإيقاع تدريجيًا إذا اعتمد المدرب الهولندي على نواة تشكيل موسم 2024/25.
فليفربول لم يخسر في آخر 106 مباريات على ملعب آنفيلد وهو صاحب الهدف الافتتاحي، حيث حقق 96 فوزًا و10 تعادلات، وهذا يعزز الفكرة أن البداية القوية هي مفتاح الفوز.
وإذا تمكن الفريق من الانطلاق بنفس القوة في مواجهة مانشستر سيتي على ملعب الاتحاد الأسبوع المقبل، فبإمكانه الفوز وإعادة حملة التحدي نحو اللقب.
أما بالنسبة لأستون فيلا، فليس هناك ما يدعو للقلق كثيرًا نظرًا للأداء الجيد في واحد من أصعب الملاعب، لكن إن كان إيمري يبحث عن مجالات التحسين فسيلاحظ نقص الإبداع الهجومي عند الوصول إلى المناطق الخطرة في آنفيلد.
سجلت فيلا تسعة أهداف فقط في عشر مباريات بالدوري هذا الموسم، وهو أقل رصيد لفريق بقيادة إيمري في أي موسم له ضمن الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا، وهذا يوضح الحاجة إلى تحسين الأرقام الهجومية إذا أرادوا العودة إلى دوري الأبطال.



