أظهرت نتائج دراسة أُجريت من قِبل منظمة الحلفاء الذكور في المملكة المتحدة أن نسبة كبيرة من المراهقين في المدارس الثانوية بدأوا يفكرون في امتلاك “صديق” من الذكاء الاصطناعي، حيث استخدم بعضهم روبوتات الدردشة للحصول على نصائح نفسية والتعبير عن مشاعرهم، وكذلك الدخول في علاقات ذات طابع رومانسي مع هذه البرامج.
شملت الدراسة مدارس من إنجلترا واسكتلندا وويلز، وأظهرت أن نحو 53% من المراهقين يرون أن العالم الافتراضي أكثر فائدة من الواقع، كما اعترف بعضهم بالسهر حتى ساعات الفجر للدردشة مع روبوتات الدردشة بحثًا عن الأمان والقبول الذي يفتقدونه في حياتهم اليومية.
ومن اللافت أن بعض الأصدقاء لوحظ عليهم تغيّر جذري في سلوكهم بعد الانغماس في تلك المحادثات، فأصبحوا أكثر انعزالًا وانفصالًا عن الواقع، وهو ما أثار قلق الأسر والمدارس معًا.
مخاطر العلاقات العاطفية مع روبوتات الذكاء الاصطناعي
تشير النتائج إلى أن هذه الظاهرة تشكل مخاطر نفسية واجتماعية متنامية، إذ يكوّن المراهق ارتباطًا عاطفيًا زائفًا مع كيان لا يملك مشاعر حقيقية، ما قد يؤدي إلى العزلة وفقدان مهارات التواصل الواقعي، كما يساهم في تشويه مفهوم العلاقات الإنسانية عندما يتوقع المراهق أن تكون العلاقات دائمًا “مثالية” كما تقدمها الروبوتات، ويدفعه ذلك إلى الاعتماد النفسي على التكنولوجيا في مواجهة الضغوط والمشاعر.
إضافة إلى ذلك، تطرح الدراسة أسئلة حول حدود العاطفة الإنسانية في عصر تتقاطع فيه المشاعر مع الخوارزميات، خاصة لدى من يعانون من الرفض أو الوحدة.
كيف نحمي ابنك من هذه الظاهرة
ولتجنب العواقب، يجب اتباع خطوات عملية، منها أن تبدأ الحوار مبكرًا مع ابنك عن الذكاء الاصطناعي بطريقة منفتحة وتوضح له أن هذه البرامج ليست بشرية ولا تفهم المشاعر الحقيقية.
راقب الاستخدام بطريقة حكيمة تحافظ على الثقة وتحدد الوقت المسموح بالتفاعل مع التطبيقات دون تجسس يزعزع الثقة بين الأبناء والآباء.
شجّعه على إقامة علاقات واقعية وبناء صداقات ونشاطات اجتماعية تعزز التواصل الإنساني بعيدًا عن الاعتماد على الروبوتات.
راقب الإشارات الخطرة مثل الانعزال المفاجئ، السهر الطويل، أو الحديث المتكرر عن “صديق افتراضي” يفهمه أكثر من الآخرين.
وإذا دعت الحاجة، استعن بدعم نفسي مختص لفهم الحالة والتعامل معها مبكرًا.
تكشف هذه الدراسة عن تحول غير مسبوق في شكل العلاقات بين الإنسان والتكنولوجيا، فبينما يفتح الذكاء الاصطناعي آفاقًا للتعلم والدعم، فإنه يطرح أيضًا تساؤلات حول حدود العاطفة الإنسانية في عصر تتقاطع فيه المشاعر مع الخوارزميات.
