ما هي الصدفية العكسية؟
تظهر الصدفية العكسية كنوع من الصدفية يظهر في المناطق التي تلتقي فيها ثنايا الجلد، وتبرز من خلال لمعان الجلد بدلًا من تقشّره. غالبًا ما تصيب الإبطين وأسفل الثديين وبين الأرداف وحول الأعضاء التناسلية، وتكون المناطق المصابة رطبة ودافئة مما يجعل القشور البيضاء أقل وضوحًا وتبدو الآفات أملسة ولامعة، وتكون غالبًا وردية أو مائلة إلى الأحمر على البشرة الفاتحة وبنية أو بنفسجية على البشرة الداكنة. لا يعني غياب القشور أنها أقل خطورة، فغالبًا ما تكون مؤلمة ومسببة للحكة.
يُقدَّر أن نحو ثلث المصابين بالصدفية يعانون من هذا الشكل تحديدًا، وغالبًا ما يظهر مع أنواع أخرى مثل الصدفية اللويحية.
كيف تختلف عن الأنواع الأخرى؟
بينما تظهر الصدفية العادية عادة على السطح الخارجي للمفاصل، تصيب الصدفية العكسية طيات الجلد الداخلية حيث تكون الظروف دافئة ورطبة، ما يمنع تكون القشور البيضاء ويجعل الآفات أملسة ومضيئة. غالبًا تكون ألوانها وردية أو حمراء على البشرة الفاتحة، وبنية أو بنفسجية على البشرة الداكنة، مع العلم أن غياب القشور لا يعني قلة الألم أو الحكة. وتُفسَّر الأسباب بأن خللاً مناعياً يجعل خلايا الجلد تتجدد بسرعة كبيرة، وفي الصدفية العكسية يزداد الالتهاب بفعل الرطوبة والاحتكاك والتعرق المستمر.
يُشير الأطباء إلى أن السبب الجوهري هو خلل مناعي يجعل الخلايا الجلدية تتجدد بسرعة تفوق المعدل الطبيعي، وتُفسَّر الحالة بأن الرطوبة والاحتكاك والتعرق تساهم في تفاقم الالتهاب وتدهور الجلد.
لماذا يشعر المرضى بمشقة إضافية؟
تصيب هذه المناطق الحساسة مما يجعل أي تهيج بسيط مؤلمًا بشدة، كما أن الجلد في هذه الطيات أكثر عرضة للعدوى البكتيرية أو الفطرية بسبب الرطوبة المستمرة، وفي بعض الحالات تتشقق الطيات أو تنزف ما يزيد من خطر الالتهاب الثانوي. يشير الأطباء إلى أن التأثير النفسي لا يقل أهمية عن الأعراض الجسدية، إذ يؤثر الإصابة في هذه المناطق على الثقة بالنفس والعلاقات الاجتماعية، خاصة عند النساء والمراهقين.
كيف يشخص الطبيب؟
يُجري الطبيب فحصًا سريريًا عادة بناءً على شكل الآفات وموقعها، وفي بعض الأحيان تُؤخذ عينة من الجلد للتحليل تحت المجهر لاستبعاد أمراض جلدية مشابهة مثل الالتهابات الفطرية أو الإكزيما.
خيارات العلاج
العلاج هنا يتطلب توازنًا بين الفاعلية والسلامة، لأن الجلد في هذه المناطق رقيق وسهل التهيّج. تُستخدم المستحضرات الكورتيزونية الخفيفة بجرعات محدودة لتقليل الالتهاب والحكة مع التوقف التدريجي لتجنب ترقق الجلد. كما توجد كريمات غير ستيرويدية حديثة تقلل الالتهاب وتُستخدم كخيار آمن للاستخدام الطويل، وتُستخدم مشتقات فيتامين D3 الموضعية لتبطؤ نمو خلايا الجلد لكنها تحتاج حذرًا في مناطق الطيّات لتجنب التهيج. وتُستخدم العلاجات الطبيعية مثل قطران الفحم في حالات محدودة، لكنها أقل شيوعًا اليوم مع توافر بدائل أكثر أمانًا. أما العلاج بالضوء فيتم بتعرّض المناطق المصابة لأشعة فوق البنفسجية بجرعات محسوبة، ما يساعد في إبطاء تجدد الخلايا وتخفيف الاحمرار. في الحالات الشديدة التي تفشل فيها العلاجات الموضعية، قد توجد خيارات جهازية أو بيولوجية تستهدف مسارات التفاعل المناعي مباشرة. وفي السنوات الأخيرة أُضيف دواء فموي يثبّط إنزيمًا مسؤولاً عن الالتهاب كخيار فعال للسيطرة على الأعراض خلال أسابيع.
إلى جانب الأدوية، تلعب العناية اليومية دورًا حاسمًا في السيطرة على المرض، فيُنصح بارتداء ملابس قطنية فضفاضة، وتجفيف الجلد جيدًا بعد الاستحمام، واستخدام مرطبات خالية من العطور، كما يُفضل تجنّب التوتر الزائد والاحتكاك المستمر فهما من أبرز العوامل المحفِّزة لعودة الالتهاب.
إن الصدفية العكسية ليست مجرد مشكلة جلدية، بل حالة مناعية مزمنة تحتاج متابعة طويلة وتعاونًا وثيقًا بين المريض وطبيبه. ومع التقدم في العلاجات الموجّهة، أصبحت فرص السيطرة على الأعراض وتحسين جودة الحياة أكثر واقعية من أي وقت مضى.
