اندفع وو تشي، المعروف بأنه أبو الكلاب العلاجية في الصين، ليكشف عن رحلة غير عادية من وظيفة مرموقة إلى تفانٍ كامل في شغفه بالحيوانات، مبرزاً القيمة الاجتماعية العميقة للكلاب العلاجية وأهمية تدريبها وفق أساليب علمية مدروسة.
تخرج وو من جامعة نانجينغ في علوم الكمبيوتر، وبدأ مسيرته المهنية في شركة ألعاب معروفة، حيث كان دخله مرتفعاً ومكانته المهنية واعدة. في عام 2006 قرر ترك هذه الوظيفة «وظيفة الأحلام» ليكرس نفسه لتربية الحيوانات الأليفة.
افتتح في البداية حديقة صغيرة للحيوانات الأليفة لمدة عامين، ثم أسس متجرًا للحيوانات في مجمع سكني. واجه معارضة شديدة من والده، وطلب من أقاربه وأصدقائه ألا يقدموا له دعماً مالياً في مسعاه.
كطفل كان يعاني من طيف التوحد، تبنى أول كلب من الشارع في عمر التسعة أعوام، وهو ما شكل نقطة تحول في حياته ساعدته على التواصل مع العالم المحيط به. في شبابه تبنى كلباً من فصيلة الهاسكي، لكنه لاحظ عند إرساله إلى مركز تدريب تقليدي أن الكلب أصبح خائفاً وحساساً. فقرر دراسة أساليب تدريب الحيوانات علمياً بنفسه، وبمشاركته تجاربه عبر الإنترنت اكتسب شهرة واسعة.
بعد ظهور وو على شاشات التلفزيون مع كلبه الهاسكي في عام 2012، اقتربت منه أم لطفل مصاب بالتوحد ولاحظت أن ابنها بدأ يقلد وو في تفاعله مع الكلب. هذه اللحظة ألهمته لتأسيس برنامج علمي للكلاب العلاجية في الصين.
منظمة Paw for Heal وأثرها المجتمعي
من خلال منظمته Paw for Heal التي أسسها في شنغهاي، تمكن وو من تدريب أكثر من 5000 كلب أليف، اجتاز 400 منها اختبارات مهنية دقيقة للكلاب العلاجية. استفادت هذه الكلاب في مساعدة الأطفال المصابين بالتوحد والاكتئاب، وكبار السن المصابين بالخرف، والمجرمين الأحداث، وحتى المرضى في مراحلهم الأخيرة. يذكر وو أنه فاجأته ذكرى أحد مرضى الزهايمر لأسماء الكلاب التي تعامل معها رغم نسيانه أسماء أبنائه، وتجاوز عدد المستفيدين من خدمات المنظمة حتى الآن 150 ألف شخص.
رؤية مستقبلية لتوسيع الوعي بالعلاج الحيواني
يؤكد وو أن التحدي الجديد ليس في القبول الاجتماعي، بل في قلة عدد الكلاب العلاجية في الصين مقارنة بالدول الأخرى، إذ لا يتجاوز عددها بضع مئات مقابل أكثر من 300 ألف في الولايات المتحدة. كما أشار إلى أن نحو 40% من هذه الكلاب العلاجية كانت في الأصل كلاباً ضالة. يعوّل وو على إقرار قانون لحماية الحيوانات في الصين وزيادة التسامح مع وجود الحيوانات الأليفة في الأماكن العامة، مع ضمان ألا تتجاوز ساعات عمل الكلاب الأربع ساعات يومياً، إضافة إلى فترات راحة وتدليك ولعب. ومع مرور الوقت، تفهّم والده إصراره بعدما شاهد كيف ساعدت الكلاب العلاجية في تحسين حالته النفسية.
تقدم منظّمته أيضاً خدمات تدريب مدفوعة للكلاب والمتطوعين البشريين، بهدف تمويل البرامج المجانية التي تقدمها. أشاد متابعون عبر الإنترنت بجهوده، فقال أحدهم: “يجب أن يدرك الناس أن الكلاب المدربة جيداً لا تجلب الخوف، بل تمنحنا الدفء والراحة والسعادة”.



