تسعى الأم إلى جعل طفلها يلتزم بتناول دوائه، وتلجأ إلى أساليب ذكية لجعله يقبله، مثل إضافة قليل من الحليب أو رشفة من العصير أو استخدام ملعقة عسل. لكنها لا تعلم أن هذه الإضافات قد تحول الدواء من علاج فعّال إلى مادة بلا فاعلية، أو في بعض الحالات إلى خطر حقيقي.
وتحذر الدكتورة عزة محمد الشافعي، أستاذة الصيدلة بجامعة الزقازيق، من أن الرغبة في التزام الطفل بدواءه لا تبرر العبث بالدواء، فأي تغيير في تركيبه أو طريقة امتصاصه قد يؤدي إلى عواقب غير محسوبة.
حين يختبئ الدواء في كوب الحليب
توضح الشافعي أن الحليب من أكثر الوسائل استخدامًا لإخفاء طعم الدواء، لكنه قد يمنع الجسم من الاستفادة منه. فالكالسيوم في الألبان يتفاعل مع بعض المضادات الحيوية، فيكوّن مركبات غير قابلة للامتصاص داخل الأمعاء. النتيجة أن العلاج يفقد فاعليته ويمتد المرض رغم التزام الطفل بالجرعة.
بين الطعام والدواء.. جرعة ناقصة دون قصد
تقدِّم الأم الدواء مع وجبة الطعام أو داخل زجاجة اللبن الصناعي لتجنب مذاقه، لكن ذلك قد يقلل فاعليته. فبعض الأدوية تحتاج معدة فارغة لامتصاص أمثل، وأي خلط مع الطعام أو الدهون قد يؤخر مفعولها أو يمنع امتصاصها جزئيًا. كما أن بقاء بقايا الدواء في الزجاجة يجعل الطفل يحصل على جرعة ناقصة لا تحقق النتيجة المطلوبة.
مشروبات غازية وإضافة السكر.. تلاعب بمذاق الدواء
من الأخطاء الشائعة أيضًا استخدام المشروبات الغازية أو الصودا لتسهيل تناول الدواء، إذ يمكن أن تُفسد الحموضة العالية مكونات الفعّالة وتقلل امتصاصها. أما إضافة السكر لتحلية المذاق فليست حلاً آمنًا، بل عادة مضرة وتزيد من خطر تسوس الأسنان وتؤسس لرفض الطفل لأي دواء خالٍ من الطعم الحلو مستقبلًا.
العسل والكريمة وغيرها.. حلاوة تحمل خطرًا خفيًا
تؤكد الشافعي أن العسل قد يكون وسيلة طبيعية لإخفاء الطعم غير المحبب، لكنه محظور تمامًا للأطفال دون عمر السنة بسبب احتمالية احتوائه على بكتيريا قد تسبب تسممًا خطيرًا. أما الكريمة أو المربى فهي أقل ضررًا، لكنها تظل مصدرًا عاليًا لسكر، ما يجعلها خيارًا غير صحي متكرر الاستخدام.
العصير السكري ليس حلًّا آمنًا دائمًا
العصائر الطبيعية قد تبدو خيارًا لطيفة، لكنها ليست بريئة كما قد تظن الأمّهات. الأحماض الموجودة في البرتقال أو الليمون يمكن أن تغيّر درجة حموضة المعدة وتؤثر في تحليل الأقراص الدوائية، بينما يُعد عصير الجريب فروت الأخطر لأنه يعطّل إنزيمات الكبد المسؤولة عن استقلاب الأدوية، ما يمكن أن يؤدي إلى تراكمها في الدم ويحدث اضطرابات مثل دوار أو تغيّر في ضربات القلب لدى بعض الأطفال.
تحذيرات علمية متكررة
فى سياق الحديث أشارت تقارير صحية إلى أن خلط الأدوية بمنتجات غذائية دون استشارة الطبيب يمثل خطأ دوائيًا متكررًا، خصوصًا عند الأطفال. وتنصح الأمهات بإعطاء الدواء كما هو باستخدام السرنجة أو القطارة المخصصة، وعدم الاعتماد على أي وسيلة لتحسين المذاق إلا بتوجيه طبي واضح.



