ابدأ بالانتباه إلى وضعية هاتفك أثناء الاستخدام، فالوضعية المنحنية التي ينحدر فيها رأسك أمام الشاشة تفرض ضغطاً مستمراً على الرقبة وتؤثر تدريجيًا في جسمك وعقلك، فالإجهاد البدني المتواصل يرفع مستويات التوتر وربما يخفف المزاج والطاقة والثقة بالنفس، وقد يترك أثرًا على النوم والتركيز بشكل يومي مع مرور الوقت.
يشرح الخبراء أن الانحناء يمنح الجهاز العصبي المركزي عبئاً زائدًا، وهو ما يفسر ارتباط الوضعية بإشارات توتر مستمرة في الدماغ، وتظهر آثار ذلك في مشاعر القلق وحتى الاكتئاب عند البعض إذا استمرت الوضعية لساعات وهو ما ينعكس في النوم والإرهاق والتوتر العصبي.
تؤثر وضعية الهاتف على التنفس أيضاً، إذ تضغط الوضعية المنحنية على الحجاب الحاجز والرئتين فتقلل من كمية الأكسجين المستنشقة وتضع عبئاً إضافياً على تنظيم هرمونات التوتر، مما يجعل الشخص أكثر تعباً وأكثر توتراً مع مرور الوقت.
تشير دراسة منشورة في مجلة AJO-DO Clinical Companion Journal إلى أن الحركات والوضعيات الجسدية تترابط مع الحالة النفسية والعاطفية وتعرض مفهوم الإدراك المتجسد، حيث تؤثر وضعيتنا الجسدية في عقولنا وتستمر في تبادل التأثير؛ فمثلاً الابتسام يوصل الدماغ رسالة عاطفية إيجابية، وبالمثل الوقوف باستقامة يحفز اليقظة والثقة وتؤدي الانحناء إلى الشعور بالتعب وانخفاض التقدير.
ويمكن أن تكون طريقة جلوسك أثناء استخدام الهاتف مرآة لما أنت عليه؛ إذ يربط الدماغ الوضعية الطويلة المنحنية بالإرهاق والانخفاض في المزاج، وهذا يفسر لماذا يشعر كثير من مستخدمي الهواتف بالتوتر والانفعال عندما يظلوا في وضعية غير مستقيمة لفترات طويلة، كما أن الانحناء يؤثر أيضاً على الهرمونات بما فيها الكورتيزول، وهو هرمون التوتر الأساسي في الجسم.
كما أن هذه الوضعية قد تؤثر على الإدراك الاجتماعي؛ فالوقوف أو الجلوس المستقيم يجعل الشخص يبدو أكثر ثقة، بينما الانحناء يعكس تراجع الالتزام أو الثقة، وهذا يؤثر في نظرة الآخرين إليك وكذلك في نظرتك لنفسك، فالجسم القوي يرسل إشارات إلى الدماغ ويعيد بناء مشاعر القوة والثقة.
الوضعيات السليمة لجسمك من أجل عقل وجسد أكثر صحة
ابدأ بتغيير طريقة حمل الهاتف بقدر بسيط من الوعي المستمر، وتبني تعديلات بسيطة قد تُحدث فرقاً في صحتك البدنية والنفسية: ارفع الشاشة إلى مستوى العين لتقليل الضغط على الرقبة والكتفين، حافظ على استرخاء كتفيك وتجنب تقريبهما أمامك، خذ فترات راحة منتظمة بتوقف قصير وتصفح بعيداً عن الجهاز كل 30 دقيقة.
قوّ عضلات وضعيتك من خلال تمارين بسيطة مثل رفع الذقن، وتدوير الكتفين، وتمديد الظهر بلطف، فهي تعزز الوعي بالوضعية وتدعم الاستقامة.
اعتن بتنفسك، فالتنفس العميق يساعد على استرخاء العضلات وتدفق الأكسجين، ما يحسن التركيز ويقلل التوتر.
تحقق من وضعيتك بانتظام من خلال مرايا أو إشارات تذكير على الهاتف لتعديل الوضعية خلال اليوم، حتى تصبح الإجراءات الجديدة عادات طبيعية في الحركة اليومية، وبمرور الوقت تخفف هذه التعديلات التوتر وتعيد جسمك إلى وضعية صحية.



